دفعته بوحشية، ولكنه شد على كتفي قائلا: ادخل الحمام وضع إصبعك في فمك.
استدرت نحوه ولطمته بشدة على غرة منه. تراجع وهو يهدر ثم لطمني بقوة. وإذا بالمدام قادمة وهي تحبك حولها الروب متسائلة في جزع: ماذا يحدث؟!
ثم دخلت بيني وبين سرحان وهي تقول بغضب: لا، هذا تخريب، ولا يمكن أن أقبله. •••
الملائكة تسبح أو ترقص في السقف. المطر يعزف فوق النوافذ وهدير الأمواج يصك الأذنين بانفجارات معركة محتدمة. أغمضت عيني مرة أخرى تحت لطمات الصداع. تأوهت ثم لعنت كل شيء. ثم اكتشفت أنني نمت بقية الليل بالبدلة والمعطف والحذاء. وانهالت علي ذكريات الليلة الماضية فلعنت كل شيء.
وجاءت المدام بعد أن أذنت لها بالدخول. وقفت تنظر إلي وأنا أتزحزح متثاقلا متكاسلا إلى الوراء لأجلس مستندا إلى رأس الفراش، وقالت: تأخرت عن موعدك؟
ثم غاصت في المقعد الكبير وهي تقول في عتاب: ها هي عاقبة السكر الشديد!
تلاقت عينانا فابتسمت وقالت: إنك أعز من عندي ولكن لا تعد للسكر.
رفعت عيني إلى السقف المزركش بصور الملائكة وتمتمت: إني آسف.
ثم بعد فترة صمت: يجب أن أعتذر لزهرة. - حسن، ولكن عدني بأن تسلك السلوك اللائق بأسرتك. - اعتذري عني لزهرة حتى أعتذر لها بنفسي.
وقد انقطع ما بيني وبين سرحان، أما زهرة فصالحتها بعد إباء وتمنع. ولا أنكر أن مخاصمة سرحان قد خلقت فراغا في نفسي. الآخر - منصور باهي - لا أكاد أعرفه، ولا علاقة لي به سوى كلمات عابرة نتبادلها على مائدة الإفطار فلا يبقى منها في الذاكرة شيء. إننا نتبادل - بلا شك - كراهية صامتة. وإني أحتقر انطواءه وغروره وأنوثته وما يحلي به نفسه من أدب ظاهري رخيص. وقد سمعته مرة في الراديو فهالني صوته - الكاذب مثله - الذي تحسبه صادرا من فارس خطيب. ومن عجب أنه لم تنشأ مودة بينه وبين أحد سوى قلاوون الصحافة مما جعلني أقطع بأن العجوز الأعزب لوطي سابق!
Página desconocida