Minhaj Tasis Wa Taqdis
منهاج التأسيس والتقديس في كشف شبهات داود بن جرجيس
Editorial
دار الهداية للطبع والنشر والترجمة
Géneros
Doctrinas y sectas
من أهل العلم والإمامة والفقه والدين، وفضل الحرمين لا يشك فيه من له أدنى إلمام بما جاءت به الرسل الكرام ولكن ليست فيه حجة على تحسين حال أهلهما مطلقًا. وقد قال سلمان الفارسيّ لأبي الدرداء، لما دعاه إلى الأرض المقدسة ورغبه فيها: "إن الأرض لا تقدس أحدًا" قال تعالى: ﴿وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا﴾ (لأعراف: من الآية١٣٧)، وهي مصر والشام، فإن كان في شرف البقاع حجة ودليل على صلاح أهلها؛ فليكن هنا بنو إسرائيل في الأرض المقدسة، وهم سكّان إيليا والمسجد الأقصى وقد جرى منهم من الكفر والتكذيب، وقتل الأنبياء، ما لا يخفى على من آنس شيئًا من أنوار الرسالة.
ثم استدلال أهل اليمن على حسن حالهم بحديث: "الإيمان يمان، والحكمة يمانية" وحديث: "أتاكم أهل اليمن أرق قلوبًا وألين أفئدة" أظهر من الاستدلال بشرف البقاع على عدم ضلال أهلها، لأنّ حديث "الإيمان يأرز إلى المدينة" يصدق ولو على البعض. وإلاّ دلّ على العموم. ولو احنج الأسود العنسيّ وأمثاله على حسن حالهم بما ورد في فضل اليمن لكان جوابه جوابًا لنا. وقد قال تعالى: ﴿وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾ (آل عمران: من الآية١٤٠) .
وأمّا حديث: "اللهمّ بارك لنا في شامنا وفي يمننا" فقد استيجبت دعوته ﷺ وحصل من البركات بسبب هذه الدّعوة في الشّام واليمن ما هو معروف مشهور، وهل دونت الدّواوين ووضع العطاء، وجنّدت الجنود، وارتفتعت الرّايات والبنود إلاّ بعد إسلام أهل اليمن وأهل الشّام وصرف أموالهما في سبيل الله، ولكن لا يحتج به على صلاح دين أهلهما إلاّ من غربت عنه الحقائق، وعدم الفهم لأصول الدّين فضلًا عن الفروع والدّقائق. وقد تقدم قوله تعالى: ﴿وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا﴾ الآية (لأعراف: من الآية١٣٧)، وجمهور أهل نجد كتميم وأسد وطيئ وهوازن وغطفان وبني ذهل بن شيبان صار لهم من الجهاد في سبيل الله، والمقام بالثغور، والمناقب والمآثر لاسيما في جهاد الفرس والرّوم ما لا يخفى على من له أدنى إلمام بشيء من العلوم. ولا ينكر
1 / 91