89

Minhaj Talibin

منهج الطالبين

Géneros

وكذلك القائل: بالرأي في غير موضع الرأي؛ فإذا قال: بالرأي في الدين؛ فقد خالف معني الرأي، وليس ذلك معني وجه الرأي؛ وإنما هو مخالف في الدين فافهم معاني الرأي من معني الدين؛ فإنه لا يجوز الرأي في الدين، ولا الدين في الرأي، وذلك خارج من التسمية، ومن المعني، والرأي حكمه: ما عدا الدين والذين حكمه: ماعدا الرأي.

ومن أخذ بقول أحد من أهل العلم من المسلمين، بقدر أن يراه عدلا أو بتعمده، وهو لا يبصر مواضع الاعدل فارجوا أنه لا يضيق عليه.

وإذا ثبت معني الضرورة، وجواز الرخصة بشيء من دين الله؛ فقد يخرج معني قولهم: من الاختلاف - أن من قبل الرخصة على معني الشكر لها، كان كمن اجتهد في الأخذ بالتشديد في دين الله؛ ما لم يحمل على نفسه في ذلك ضرورة؛ فإنه مصروف، وقبول الرخصة على هذا أفضل.

وأما من قال: إنه لا يسع أحدا؛ أن يفتي بالرأي؛ إلا من علم ما في كتاب الله، وسنة رسوله، وآثار أئمة العدل- فهو صحيح عندنا؛ وذلك أنه لا يجوز القول بالرأي في شيء؛ إلا أن يكون عالما بأصول الدين فيه.

وأصول الدين: ما جاء في كتاب الله، أو سنة رسوله، أو إجماع المهتدين من الأمة في كل وقت، وزمان.

فمن علم في شيء من الأمور من فن من فنون العلم، أو باب من أبوابه، أو في شيء سنه بعينه حكم بما جاء فيه من الكتاب، والسنة، وإجماع المهتدين من الأمة، وهو عالم في ذلك الشيء.

فإذا أبصر وجه الرأي، والقول بالرأي فيه، واهتدي له - كان فقيها فيه، وعالما به، وكان من أهل الرأي فيه.

كما كان غيره من العلماء فيما هو أكثر منه من الفنين والثلاثة، والبابين والثلاثة: بل هو أقوي فيه، وفي بابه، وفي معناه - إذا كان عالما به - من الفنين، والثلاثة. والأربعة. ولو كان العالم لا يكون عالما؛ حتى يحيط بجميع فنون العلم لكان هذا محالا، والمحال ضلال؛ إلا أن يكون عالما، وقد ثبت حكم العلماء، أو أن يكون يثبت أن أحدا يحيط بالعلم، وهذا كله لا يجوز.

Página 92