وسئل أبو سعيد رضي الله عنه: ما أفضل عندك؟ الجهاد على العيال، وطلب الحلال أو التعليم ، والاتصال بالإخوان، وترك المكسبة؟ قال هذا مما اختلف فيه؛ وكله فضيلة، ولا أعلم شيئا أفضل من طلب العلم؛ وإذا كان طلب المعاش فريضة، وطلب العلم فضيلة؛ فالفرض أولي من الفضيلة؛ وإذا صح للعبد قوت يومه يجري عليه زررا كل يوم قد سبق له، أو عرفه من وجه ولو كان يوما بيوم؛ فطلب العلم أولي؛ وإن خاف عدم ذلك كان طلب المعاش أولي من طلب العلم، ويعتقد السؤال عما يلزمه في دين الله، وأن يطلب العلم متي قدر على ذلك.
ومن قدر على المكسبة له ولعياله، وطلب العلم أيضا، وأعطاه الله قوة على ذلك؛ فقد أدي الفرض، وحاز الفضل؛ فإن لم يقدر على ذلك: أعتقد أنه متي قدر طلب، والله تعالي أولي بالعذر، " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها"، " وهو عليم بذات الصدور".
القول الثالث
في أصناف العلماء، ودرجاتهم، وترغيبهم، وتحذيرهم،
ومدح العلماء، وما ينبغي تعليمه
قال الله تعالي: " يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات" وقال: " نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم "، وقال: " وما يستوي الأحياء ولا الأموات". قيل: الأحياء - العلماء، والأموات - الجهال. وقيل: الأحياء - المؤمنون. والأموات: الكفار. وقال النبي(1) (صلي الله عليه وسلم): الناس موتي إلا العالمون، والعالمون سكري إلا العاملون، والعاملون هلكى إلا المخلصون، والمخلصون على خطر عظيم.
Página 27