وصورة النهي: أن يقول الناهي: لا تفعل، مثل قوله جل ذكره: " يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل " إلى قوله: " ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما " : " يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله "؛ فإذا ورد الخطاب معري من القرائن، والمقيدات، والمقدمات: فهو أمر ونهي.
واللفظة قد ترد مقرونة بقرينة، أو بصلة، أو بمقدمة؛ فيدل على التخيير، أو الندب، أو يدل على قدرة الأمر، وعجز المأمور، وعلى التهديد، أو الزجر، أو إطلاق بعد حصر، أو على التكوين دون الأمر.
فالذي يدل بمجموعة على التخيير أو الندب: مثل قوله تعالي: " فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير " وكقوله تعالي: " فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر " وقد أجمع الجميع [علي] أن الأكل منها غير واجب وأنا فيه مخيرون؛ فالآية لم ترد إلا مقرونة بالتوقيف.
وأما الذي يدل على قدرة الأمر، وعجز الأمور فمثل قوله تعالي: " قل كونوا حجارة أو حديدا (50) أو خلقا مما يكبر في صدوركم "، ومعلوم أن الله تعالي لم يرد منهم [أن] يجعلوا أنفسهم حجارة، أو حديدا؛ إذ ليس ذلك في طاقتهم، وقدوتهم، وإنما أراد أن يبين عجزهم.
Página 180