مقدمة المؤلف ... بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله البر الجواد الذي جلت نعمه عن الإحصاء بالأعداد المان باللطف والإرشاد الهادي إلى سبيل الرشاد الموفق للتفقه في الدين من لطف به واختاره من العباد أحمده أبلغ حمد وأكمله وأزكاه وأشمله وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد الغفار وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى المختار ﷺ وزاده فضلا وشرفا لديه. أما بعد فإن الاشتغال بالعلم من أفضل الطاعات وأولى ما أنفقت فيه نفائس الأوقات وقد أكثر أصحابنا ﵏ من التصنيف من المبسوطات والمختصرات وأتقن مختصر المحرر للإمام أبي القاسم الرافعي رحمه الله تعالى ذي التحقيقات وهو كثير الفوائد عمدة في تحقيق المذهب معتمد للمفتي وغيره من أولى الرغبات وقد التزم مصنفه ﵀ أن ينص على ما صححه معظم الأصحاب ووفى بما التزمه وهو من أهم أو أهم المطلوبات لكن في حجمه كبر يعجز عن حفظه أكثر أهل العصر إلا بعض أهل العنايات فرأيت اختصاره في نحو نصف حجمه ليسهل حفظه مع ما أضمه إليه إن شاء الله تعالى من النفائس المستجدات منها التنبيه على قيود في بعض المسائل هي من الأصل محذوفات ومنها مواضع يسيرة ذكرها في المحرر على خلاف المختار في المذهب كما ستراها إن شاء الله تعالى واضحات ومنها إبدال ما كان من ألفاظه غريبا أو موهما خلاف الصواب بأوضح وأخصر منه بعبارات جليات ومنها بيان القولين والوجهين والطريقين والنص ومراتب

1 / 7

الخلاف في جميع الحالات فحيث أقول في الأظهر أو المشهور فمن القولين أو الأقوال فإن قوى الخلاف قلت: الأظهر وإلا فالمشهور وحيث أقول الأصح أو الصحيح فمن الوجهين أو الأوجه فإن قوى الخلاف. قلت: الأصح، وإلا فالصحيح وحيث أقول المذهب فمن الطريقين أو الطرق وحيث أقول النص فهو نص الشافعي ﵀ ويكون هناك وجه ضعيف أو قول مخرج وحيث أقول الجديد فالقديم خلافه أو القديم أو في قول قديم فالجديد خلافه وحيث أقول وقيل: كذا فهو وجه ضعيف والصحيح أو الأصح خلافه وحيث أقول وفي قول كذا فالراجح خلافه ومنها مسائل نفيسة أضمها إليه ينبغي أن لا يخلى الكتاب منها وأقول في أولها: قلت: وفي آخرها والله أعلم وما وجدته من زيادة لفظة ونحوها على ما في المحرر فاعتمدها فلا بد منها وكذا ما وجدته من الأذكار مخالفا لما في المحرر وغيرة من كتب الفقه فاعتمده فإني حققته من كتب الحديث المعتمدة وقد أقدم بعض مسائل الفصل لمناسبة أو اختصار وربما قدمت فصلا للمناسبة وأرجو إن تم هذا المختصر أن يكون في معنى الشرح للمحرر فإني لا أحذف منه شيئا من الأحكام أصلا ولا من الخلاف ولو كان واهيا مع ما أشرت إليه من النفائس وقد شرعت في جمع جزء لطيف على صورة الشرح لدقائق هذا المختصر ومقصودي به التنبيه على الحكمة في العدول عن عبارة المحرر وفي إلحاق قيد أو حرف أو شرط للمسألة ونحو ذلك وأكثر ذلك من الضروريات التي لا بد منها وعلى الله الكريم إعتمادي وإليه تفويضي واستنادي وأسأله النفع به لي ولسائر المسلمين ورضوان عني وعن أحبائي وجميع المؤمنين.

1 / 8

كتاب الطهارة مدخل ... كتاب الطهارة قال الله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾ ١ يشترط لرفع الحدث والنجس ماء مطلق وهو ما يقع عليه اسم ماء بلا قيد فالمتغير بمستغنى عنه كزعفران تغيرا يمنع إطلاق اسم الماء غير طهور ولا يضر تغير لا يمنع الاسم ولا متغير بمكث وطين وطحلب وما في مقره وممره وكذا متغير بمجاور كعود ودهن أو بتراب طرح فيه في الأظهر ويكره المشمس والمستعمل في فرض الطهارة قيل: ونفلها غير طهور في الجديد فإن جمع قلتين فطهور في الأصح ولا تنجس قلتا الماء بملاقاة نجس فإن غيره فنجس فإن زال تغيره بنفسه أو بماء طهر أو بمسك وزعفران فلا وكذا تراب وخف في الأظهر ودونهما ينجس بالملاقاة فإن بلغهما بماء ولا تغير به فطهور فلو كوثر بإيراد طهور فلم يبلغهما لم يطهر وقيل: طاهر لا طهور ويستثنى ميتة لا دم لها سائل فلا تنجس مائعا على المشهور وكذا في قول نجس لا يدركه طرف. _________ ١ سورة الفرقان، آية:٤٨.

1 / 9

قلت: ذا القول أظهر والله أعلم والجاري كراكد وفي القديم لا ينجس بلا تغير والقلتان خمسمائة رطل بغدادي تقريبا في الأصح والتغير المؤثر بطاهر أو نجس طعم أو لون أو ريح ولو اشتبه ماء طاهر بنجس اجتهد وتطهر بما ظن طهارته وقيل: إن قدر على طاهر بيقين فلا والأعمى كبصير في الأظهر أو ماء وبول لم يجتهد على الصحيح بل يخلطان ثم يتيمم أو ماء ورد توضأ بكل مرة وقيل: له الاجتهاد وإذا استعمل ما ظنه أراق الآخر فإن تركه وتغير ظنه لم يعمل بالثاني على النص بل يتيمم بلا إعادة في الأصح ولو أخبره بتنجسه مقبول الرواية وبين السبب أو كان فقيها موافقا اعتمده ويحل استعمال كل إناء طاهر إلا ذهبا وفضة فيحرم وكذا اتخاذه في الأصح ويحل المموه في الأصح والنفيس كياقوت في الأظهر وما ضبب بذهب أو فضة ضبة كبيرة لزينة حرم أو صغيرة بقدر الحاجة فلا أو صغيرة لزينة أو كبيرة لحاجة جاز في الأصح وضبة موضع الاستعمال كغيره في الأصح. قلت: المذهب تحريم ضبة الذهب مطلقا والله أعلم.
باب أسباب الحدث هي أربعة: أحدها: خروج شيء من قبله أو دبره إلا المنى ولو انسد مخرجه وانفتح تحت معدته فخرج المعتاد نقض وكذا نادر كدود في الأظهر أو فوقها وهو منسد أو تحتها وهو منفتح فلا في الأظهر الثاني: زوال العقل إلا نوم ممكن مقعده الثالث: التقاء بشرتي الرجل والمرأة إلا محرما في الأظهر والملموس كلامس في الأظهر ولا تنقض صغيرة وشعر وسن وظفر في الأصح الرابع: مس قبل الآدمي ببطن الكف وكذا في الجديد حلقة دبره

1 / 10

إلا فرج بهيمة وينقض فرج الميت والصغير ومحل الجب والذكر الأشل وباليد الشلاء في الأصح ولا ينقض رأس الأصابع وما بينها ويحرم بالحدث الصلاة والطواف وحمل المصحف ومس ورقه وكذا جلده على الصحيح وخريطة وصندوق فيهما مصحف وما كتب لدرس قرآن كلوح في الأصح والأصح حل حمله في أمتعة وتفسير ودنانير لا قلب ورقه بعود وأن الصبي المحدث لا يمنع. قلت: الأصح حل قلب ورقه بعود وبه قطع العراقيون والله أعلم ومن تيقن طهرا أو حدثا وشك في ضده عمل بيقينه فلو تيقنهما وجهل السابق فضد ما قبلهما في الأصح. فصل يقدم داخل الخلاء يساره والخارج يمينه ولا يحمل ذكر الله تعالى ويعتمد جالسا يساره ولا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ويحرمان بالصحراء ويبعد ويستتر ولا يبول في ماء راكد وجحر ومهب ريح ومتحدث وطريق وتحت مثمرة ولا يتكلم ولا يستنجي بماء في مجلسه ويستبرىء من البول ويقول عند دخوله بسم الله اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث وعند خروجه غفرانك الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني ويجب الاستنجاء بماء أو حجر وجمعهما أفضل وفي معنى الحجر كل جامد طاهر قالع غير محترم وجلد دبغ دون غيره في الأظهر وشرط الحجر أن لا يجف النجس ولا ينتقل ولا يطرأ أجنبي ولو ندر أو انتشر فوق العادة ولم يجاوز صفحته وحشفته جاز الحجر في الأظهر ويجب

1 / 11