ومعرفته، ولا له به علقة من اقراء أو انتفاع به.
قال: وكنت جالسا بين يديه، قبل انتقاله بشهرين، وإذا بفقير قد دخل عليه، وقال: الشيخ فلان من بلاد صرخد يسلم وأمرني بوضعه في بيت حوائجه، فتعجبت منه لقبوله، فشعر بتعجبي فقال، أرسل، إلي بعض الفقراء زربولا، وهذا إبريق، فهذه آلة السفر.
قال الذهبي، وعزم عليه شخص في رمضان ليفطر عنده فقال: أحضر طعامك هنا نفطر جملة.
قال ابن العطار: ثم بعد أيام يسيرة كنت عنده، فقال لي: قد أذن لي في السفر، فقلت: كيف أذن لك؟ قال: أنا جالس هاهنا يعني بيته بالمدرسة الرواحية، وقدامه طاقة مشرفة عليها مستقبل القبلة، إذ مر علي شخص في الهواء من هنا، ومن كذا يشير من غربي المدرسة إلى شرقيها - وقال: قم، سافر إلى بيت المقدس.
ثم قال: قم حتى نودع أصحابنا وأحبابنا، فخرجت معه إلى القبور التي دفن فيها بعض شيوخه، فزارهم وبكى، ثم زار أصحابه الاحياء، ثم سافر صبيحة ذلك اليوم.
قال: وجري لي معه وقائع، ورأيت منه أمورا تحتمل مجلدات. فسار إلى نوى، وزار القدس، والخليل عليه السلام ثم عاد إلى نوى، ومرض بها في بيت ولده، فبلغني مرضه، فذهبت من دمشق لعيادته، ففرح بي وقال: ارجع إلى أهلك، وودعته وقد أشرف على العافية، يوم السبت العشرين من رجب، سنة ست وسبعين وستمائة، ثم توفي ليلة، الأربعاء، الرابع، والعشرين، من رجب، ودفن صبيحتها، بنوى.
قال: فبينا أنا نائم تلك الليلة، إذ مناد ينادي بجامع دمشق: الصلاة على الشيخ ركن الدين الموقع، فساح الناس لذلك، فاستيقظت، فبلغنا ليلة الجمعة موته، وصلي عليه بجامع دمشق، وتأسف المسلمون عليه تأسفا بليغا، الخاص والعام والمادح والذام.
Página 75