326

Minhaj Muttaqin

كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)

[فصل في شبه أهل الجبر]

قلنا: وعن كونه كالواقع من جهة غير فاعل الضرر احترازا ممن يلقي صبيا في النار أو البرد فيميته الله، فضرر الإماتة هو كالواقع من جهة الملقى حيث قد علم أن الله يفعل ذلك بمجرى العادة.

وأما إن كل ظلم قبيح فذلك ضروري في الشاهد، ولا علة لقبحه، إلا كونه ظلما بدليل أن من علم ذلك علم قبحه ومن جهله جهل قبحه.

فصل

ومحكم السمع يطابق ما ذهبنا إليه، قال تعالى :{ولا تزر وازرة وزر أخرى} {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى}، {فكلا أخذنا بذنبه}، {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة} الآية: {والوزن يومئذ الحق} {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا} {إن الله لا يظلم الناس شيئا} {وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون} {يوم تجد كل نفس ما علمت من خير محضرا} الآية {وتوفى كل نفس ما عملت} {هل تجزون إلا ما كنتم تعملون} {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان} {بما عملوا} {بما ظلموا} {بما كانوا يفسقون} بما قدمت أيديهم بما قدمت يداك وإن الله ليس بظلام للعبيد} والقرآن مشحون بأمثال هذا مما لا يحتمل التأويل.

فصل في شبههم

أما من جهة العقل فلا شبهة لهم، وأما من جهة السع فتمسكوا بشيء من المتشابه، والأصل فيه على الجملة ما تقدم من أن مذهبهم يقتضي أن لا يوثق بالسمع لا سيما وهذه المسألة لا يؤخذ فيها بالسمع إلا مؤكدا كلنا يجيب تبرعا عن الآيات التي ذكروها.

فمنها قوله تعالى: {ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم} {وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم}.

والجواب: لا بد من ترك ظاهرها؛ لأن الحمل المعقول إنما يكون في ماله نقل، وذلك لا يصح إلا في الأجسام؛ ولأن الظاهر يقتضي التخفيف عن المحمول من أوزارهم؛ لأن من حمل ثقل غيره فقد خفف عنه والإجماع على خلافه.

Página 332