257

Minhaj Muttaqin

كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)

قلنا: مع العلم والاختيار احترازا من غير المكلفين والساهي والنائم، فإنهم وإن لم يفعلوا القبيح ولا أخلوا بالواجب إذ لا واجب عليهم، فليسوا عدولا، لفقد العلم، وكذلك الممنوع من فعل القبيح، والإخلال بالواجب لا يكون عدلا لفقد الاختيار، وهذا أحسن من قولهم في الحد وأفعاله كلها حسنة؛ لأن ذلك يبطل فائدة قولهم لا يفعل القبيح، وهي أم المسائل.

فصل

مر في هذه الجملة ذكرا لفعل والواجب والحسن والقبيح فاقتضى ذلك بيان معاني هذه الألفاظ فالفعل هو ما وجد من جهة من كان قادرا عليه، وقلنا كان لأن حال وجوده يخرج عن تعلقه بالقادر، بل في الأفعال ما يجوز وجوده حال عجز فاعله أو موته كالمسببات المتراجية، وتنقسم إلى قبيح وحسن، ولا قبيح ولا حسن، فالذي ليس بقبيح ولا حسن هو ما ليس له صفة زائدة على كونه فعلا كانخفاض الرمل عند السير وانتثار التراب عند الجلد ونحو ذلك من الأفعال اليسيرة.

والقبيح: هو ما إذا فعله القادر عليه استحق الذم على بعض الوجوه لا في حالة عارضة. قلنا على بعض الوجوه ليدخل الصغائر والقبائح الواقعة من الساهي والنائم عند غير أبي هاشم، فإنه يشترط في القبيح القصد ولتدخل القبائح الواقعة من الصبيان وسائر من لا عقل له عند غير أبي الحسين فإنه يشترط في القبيح العلم أو التمكن منه، وكذلك القبائح الواقعة من الملجأ والمكره عند من يقول بقبحها، فإن كل هذه قبائح، ولا يستحق الذم عليها إلا على بعض الوجوه، وقلنا إلا في حالة عارضة احترازا من تناول الميتة وشرب الخمر عند الاضطرار المفرط، فإنه واجب، ومع ذلك فإنه يستحق الذم عليه على بعض الوجوه إلا أن الخمر حالة وجوده حالة عارضة، وأصله القبح لدخوله في حقيقة القبيح ولا يخرج من الحد ما استحق الذم عليه على كل الوجوه؛ لأنه قد استحق على بعض الوجوه وزيادة.

Página 261