254

Minhaj Muttaqin

كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)

فصل في شبهة النصارى

تعلقوا من جهة العقل بظهور المعجز عليه من الإبراء والإحياء ونحو ذلك، قالوا: ومثل هذه الأشياء لا يفعله إلا الإله.

والجواب: أنه ما من نبي إلا قد ظهر عليه من المعجزات ما لا يفعله إلا الله تعالى، أو يكون في الحكم كأنه من فعله، ونحن نسلم أن الفاعل للأحياء والأبراء إله، وهو الله تعالى فعله به معجزة /170/ لعيسى، فلا تبقى شبهة تقتضي كون المسيح إلها وأما كونه من غير أب فآدم عليه السلام كذلك، وكثير من الحيوانات يوجده الله لا على جهة التناسل وبعضها شيء من غير أب.

ومن جهة السمع، تعلقوا بقوله تعالى: {وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه}.

والجواب: أن العرب تسمي الرسول كلمة ولسانا يقال هذا لسان فلان وكلمته أي المبلغ عنه، وقيل: معناه ألقا إليها قوله كن فكان.

وبعد فالكلام عرض محدث بعدم في الوقت الثاني وأما قوله تعالى: {وروح منه}، فالروح عندنا هو النفس، وهو أجسام رقيقة بإرادة وهو من فعل الله تعالى.

يوضحه قوله تعالى: {ونفخنا فيه من روحنا}، ونحوها، والنفخ إنما يكون في الأجسام، ووكذلك يوصف الروح بأنه يقبض ويرسل، وذلك يدل على أنه جسم ويجوز ان يكون الله تعالى سماه روحا لأنه هدى به إلى الحق، وقد سمى الهداية روحا في قوله: {أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه} أي هداية، ويجوز أن يريد بالروح هنا الوحي كما قال تعالى: {يلقي الروح من أمره على من يشاء}، ويجوز أن يريد بالروح الرسول كما قال تعالى: {نزله روح القدس}، وتعلقوا بجزازيف(1) يسندوها إلى الكتب المنزلة.

Página 258