Minhaj Muttaqin
كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)
Géneros
والجواب: قولهم افترقا في أنفسهما لا يصح لوجهين: أحدهما أن أنفسهما تصح كونها معلومة على الانفراد وكون أحدهما جوهرا والآخر سوادا لا يعلم على انفراده بل يعلم تبعا لذاتهما، فدل على أنه زائد عليهما.
الثاني: أنه قد يعقل ذات الجوهر والسواد من لا يعقل كونه جوهرا ولا سوادا.
وأما المعارضة بالصفتين وافتراقهما بعد الاشتراك فقد قال الشيوخ فيه أن افتراقهما في مجردهما كان قبل اشتراكهما في كونهما صفتين؛ لأن كون الصفة صفة هو من توابع مجردها ولواحقه، وإذا كان الافتراق قبل الاشتراك لم يجب تعليله بخلاف اشتراك السواد والجوهر في كونهما ذاتين فإنه حاصل قبل افتراقهما بدليل أنه لا يعقل إلا تبعا، والمراد قبلية الذهن لا قبلية الزمان.
الوجه الثالث: إن علمنا بكون الجوهر جوهر إما أن يتعلق بمجرد ذاته أو بمعنى غيرها أو بحكم لها أو بكيفية صفة أو بصفة على ما نقوله لا يجوز أن يتعلق بمجرد الذات؛ لأنا قد نعلمه ذاتا ولا نعلمه جوهرا، ولا أن يتعلق بمعنى؛ لأن كونه جوهرا واجب، ولأن ذلك المعنى لا يختص به إلا بأن يحله ولا يحله إلا بعد أن يتحيز ولا يتحيز إلا بعد كونه جوهرا ولا أن يتعلق بحكم؛ لأنا نعلم المفارقة بين الجوهر وغيره من دون اعتبار غير أو لا ما يجري مجراه ولا أن يتعلق بكيفية صفة، لأن كيفية الصفة تابعة للصفة كالحدوث والقدم، فإنهما يتبعان الوجود وبقي أن يتعلق بصفة وهو المطلوب.
وربما يورد أصحابنا هذا الوجه على غير هذه العبارة فيقولون: لو أخبرنا الصادق بوجود ذات، وإنا نعلم غير الذات ونعلم وجودها ثم أخبرنا أنها جوهر فإنا نعلم ثابتا غير ما علمناه أولا، ولا بد أن يكون ذلك الأمر الزائد صفة للذات وهي الجوهرية. واعترضه أصحاب أبي الحسين بأن الذي تعلق به علمنا أولا هو أنه ذات يصح العلم بها على انفرادها، ثم تعلق علمنا ثانيا بتلك الذات على التفصيل، وهو أنها ذات /72/ تخالف السواد مثلا.
Página 109