102

Minhaj Muttaqin

كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)

والمعنوي: كسكون النفس، فإنه يثبت لمعنى وهو العلم.

والذي بالفاعل نحو كون الكل كفر خبرا أو أمرا، وكون الفعل ظلما ونحو ذلك من وجوه الأفعال. والذي يدل على أنه لا ذاتي في الأحكام وجهان:

أحدهما: أن الذاتي هو الذي يدخل به الشيء في صحة كونه معلوما، وقد ثبت أن الحكم لا يعلم إلا بين غيرين أو غير وما يجري مجراه، فلو كان ذاتيا لاقتضى كون الغيرين معلوما واحدا؛ لأنه لو اقتضى كون كل واحد منهما معلوما على انفراده لم يخل إما أن يصح العلم بأحدهما دون الآخر، وهذا يبطل كون المصحح لكونه معلوما حكما، وإما أن لا يصح العلم بأحدهما دون الآخر وذلك يبطل كونهما معلومين وغيرين، ويصيرهما معلوما واحدا؛ لأنه لم يختص أحدهما إلا بما اختص به صاحبه، وهو هذا الحكم المصحح لكونهما معلومين، وما عدا ذلك من الذاتيات تابع له. هذا ما ذكره الشيخ الحسن رحمه الله تعالى في كتاب الكنفية.

ولقائل أن يقول: إن الحكم إنما يكون ذاتيا لذات واحدة لا لذاتين جميعا، وبه تدخل تلك الذات فقط في صحة كونها معلومة، وإنما /69/ يعتبر الغير أو ما يجري مجراه في العلم بالحكم أي لا يعلم الذات على حكمها الذاتي إلا باعتبار غيرا وما يجري مجراه، وذلك لأمر يرجع إلى الحكم، والعلم به لا إلى تصحيحه لما يصححه ولا إلى كونه ذاتيا، وبعد فهب أن به يدخلان جميعا في صحة كونهما معلومين، فما المانع من أن يصح كل واحد منهما معلوما على انفراده، ولكن لا يعلم أحدهما دون الآخر لأمر يرجع إلى شأنه كاشف عنهما جميعا أو أنهما معتبران في العلم به، فإذا كشف عن أحدهما فقد كشف عن الآخر كالدليل إذا دل على أمرين مختلفين، فإنه إذا علم أحدهما علم الآخر لاتحاد طريقتهما لا لاتحاد ذاتيهما.

Página 105