Minhaj Fi Sharh Muslim
شرح النووي على صحيح مسلم
Editorial
دار إحياء التراث العربي
Número de edición
الثانية
Año de publicación
١٣٩٢
Ubicación del editor
بيروت
الَّذِي يَسْتَحِقُّ بِهِ الْعَبْدُ الْمَدْحَ وَالْوِلَايَةَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ هُوَ إِتْيَانُهُ بِهَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ التَّصْدِيقُ بِالْقَلْبِ وَالْإِقْرَارُ بِاللِّسَانِ وَالْعَمَلُ بِالْجَوَارِحِ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْجَمِيعِ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ وَعَمِلَ عَلَى غَيْرِ عِلْمٍ مِنْهُ وَمَعْرِفَةٍ بِرَبِّهِ لَا يَسْتَحِقُّ اسْمَ مُؤْمِنٍ وَلَوْ عَرَفَهُ وَعَمِلَ وَجَحَدَ بِلِسَانِهِ وَكَذَبَ مَا عَرَفَ مِنَ التَّوْحِيدِ لَا يَسْتَحِقُّ اسْمَ مُؤْمِنٍ وَكَذَلِكَ إِذَا أَقَرَّ بِاللَّهِ تَعَالَى وَبِرُسُلِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ وَلَمْ يَعْمَلْ بِالْفَرَائِضِ لَا يُسَمَّى مُؤْمِنًا بِالْإِطْلَاقِ وَإِنْ كَانَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ يُسَمَّى مُؤْمِنًا بِالتَّصْدِيقِ فَذَلِكَ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى لِقَوْلِهِ ﷿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ أولئك هم المؤمنون حقا فَأَخْبَرَنَا ﷾ أَنَّ الْمُؤْمِنَ مَنْ كَانَتْ هذه صفته وقال بن بَطَّالٍ فِي بَابِ مَنْ قَالَ الْإِيمَانُ هُوَ الْعَمَلُ فَإِنْ قِيلَ قَدْ قَدَّمْتُمْ أَنَّ الْإِيمَانَ هُوَ التَّصْدِيقُ قِيلَ التَّصْدِيقُ هُوَ أَوَّلُ مَنَازِلِ الْإِيمَانِ وَيُوجِبُ لِلْمُصَدِّقِ الدُّخُولَ فِيهِ وَلَا يُوجِبُ لَهُ اسْتِكْمَالَ مَنَازِلِهِ وَلَا يُسَمَّى مُؤْمِنًا مُطْلَقًا هَذَا مَذْهَبُ جَمَاعَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ أَرْبَابِ الْعِلْمِ وَالسُّنَّةِ الَّذِينَ كَانُوا مَصَابِيحَ الْهُدَى وَأَئِمَّةَ الدِّينِ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ وَغَيْرِهِمْ قال بن بَطَّالٍ وَهَذَا الْمَعْنَى أَرَادَ الْبُخَارِيُّ ﵀ إِثْبَاتَهُ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ وَعَلَيْهِ بَوَّبَ أَبْوَابَهُ كُلَّهَا فَقَالَ بَابُ أُمُورِ الْإِيمَانِ وَبَابُ الصَّلَاةُ مِنَ الْإِيمَانِ وَبَابُ الزَّكَاةُ مِنَ الْإِيمَانِ وَبَابُ الْجِهَادُ مِنَ الْإِيمَانِ وَسَائِرُ أَبْوَابِهِ وَإِنَّمَا أَرَادَ الرَّدَّ عَلَى الْمُرْجِئَةِ فِي قَوْلِهِمْ إِنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ بِلَا عَمَلٍ وَتَبْيِينَ غَلَطِهِمْ وَسُوءَ اعْتِقَادِهِمْ وَمُخَالَفَتِهِمْ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَمَذَاهِبِ الْأَئِمَّةِ ثُمَّ قَالَ بن بَطَّالٍ فِي بَابٍ آخَرَ قَالَ الْمُهَلَّبُ الْإِسْلَامُ عَلَى الْحَقِيقَةِ هُوَ الْإِيمَانُ الَّذِي هُوَ عَقْدُ الْقَلْبِ الْمُصَدِّقِ لِإِقْرَارِ اللِّسَانِ الَّذِي لَا يَنْفَعُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرُهُ وَقَالَتِ الْكَرَّامِيَّةُ وَبَعْضُ الْمُرْجِئَةُ الْإِيمَانُ هُوَ الْإِقْرَارُ بِاللِّسَانِ دُونَ عَقْدِ الْقَلْبِ وَمِنْ أَقْوَى مَا يُرَدُّ بِهِ عَلَيْهِمْ إِجْمَاعُ الْأُمَّةِ عَلَى إِكْفَارِ الْمُنَافِقِينَ وَإِنْ كَانُوا قَدْ أَظْهَرُوا الشَّهَادَتَيْنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ هذا آخر كلام بن بَطَّالٍ وَقَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ ﵀ قَوْلُهُ ﷺ الاسلام أن تشهد أن لااله إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ وَتَصُومَ رَمَضَانَ وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا
1 / 147