============================================================
التوبة؛ فلعلك في النفس الثاني تموث ، ولا تهتمي يا نفس بالرزق؛ فلعلك لا تبقين لتحتاجي إليه ، فيكون وقتك ضائعا، والهم فاضلا، وما عسى أن يهتم الإنسان بالرزق ليوم واحد ، أو ساعة واحدة، أو نفس واحد؟ أما تذكرين ما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه : " ألا تعجبون من أسامة المشتري بصبر شهر ؟! إن اسامة لطويل الأمل ، والله ؛ ما وضعت قدما .. فظننت أني أرفعها، ولا لقمة.. فظننت أني أسيغها حتى يدركني الموث، والذي نفسي بيده؛ إن ما توعدون لات وما أنتم بمعجزين "(1).
فإذا أنت أيها الرجل تذكرت هذه الأذكار ، وواظبت على ذلك بالإعادة والتكرار.. قصر أملك بإذن الله تعالى ، فحيثذ ترى نفسك تبادر إلى الطاعات ، وتعجل توبتك، وتسقط عنك معصيئك، وتزهذ في الدنيا وطلبها، فيخف حسائك وتبعتك، ويقع قلبك في تذكر الآخرة وأهوالها، وما هو إلآ من تفسي الى نفس، تصير إليها وتعاينها واحدا فواحدا، فتزول عنك القسوة، وتبدو لك الرقة والصفوة، وتستشعر عند ذلك الخوف من الله تعالى والخشية، فيستقيم لك أمر عبادتك، ويقوى الرجاء في أن تسعد في عاقبتك، فتظفر بالمراد في آخرتك، وكل ذلك بعد فضل الله تعالى بسبب هلذه الخصلة التي هي قصر الأمل.
ولقد حكي : أن زرارة بن أوفى رحمه الله تعالى قيل له في النوم بعد موته : أي الأعمال أبلغ فيما عندكم ؟ قال : الرضا، وقصر الأمل.
فانظز لنفسك أيها الأخ ، وابذل المجهود في هلذا الأصل الكبير؛ فإنه الأهم والأعظم في صلاح القلب والنفس ، والله تعالى وليك التوفيق بفضله ورحمته .
وأما الحسد : فإنه المفسد للطاعات ، الباعث على الخطيئات ، وإنه الداء العضال الذي يبتلى به الكثير من القراء والعلماء، فضلا عن العامة والجهال ،
Página 119