============================================================
فإن قلت : لم أختص هذا بالتوفيق الخاص وحرم هذا وكلاهما مشتركان في ربقة العبودية ؟
فعند هلذا الشؤال ثنادى من سرادق الجلال : أن الزم الأدب، وأعرف سر الربوبية وحقيقة العبودية ؛ فإنه لا يستل عما يفعل وهم يشتلوب قلث أنا : ومثال هلذا الطريق في الثنيا الصراط في الآخرة؛ في عقباتها ومسافاتها ومقاطعها، واختلاف أحوال الخلائق فيها، فمنهم من يمرؤ عليه كالبرق الخاطف ، ومنهم من يمر عليه كالريح العاصف، وآخر كالفرس الجواد، وآخر كالطائر، وآخر يمشي، وآخر يزحف حتى يصير فحمة، وآخر يسمع حسيسها، وآخريؤخذ بكلاليب فيطرح في جهنم.
وكذلك حال هلذا الطريق مع سالكيه في الثنيا ، فهما صراطان : صراط ألدنيا ، وصراط الآخرة، فصراط الآخرة للأنفس ، يرى أهوالها أهل الأبصار، وصراط الذنيا للقلوب ، يرى أهوالها ذوو البصائر والألباب، وإنما أختلفت أحوال السالكين في الآخرة لاختلاف أحوالهم في الدنيا ، فتأمل ذلك حقه ، فهذه هذذه، وبالله التوفيق.
فتاق لافي بيان طريق الآخرة وذكر المنح الدنيوية والأخروية المستحقة لملازم الطاعة] ثم أعلم ما هو التحقيق في هلذا الباب ، وهو أنه ليس هلذا الطريق في طوله وقصره مثل المسافات المكانية التي تسلكها الأنفس، فتقطعها بالأقدام ، فيقع قطعها على حسب قوة الأنفس وضعفها، إنما هو طريق روحاني، تسلكه القلوب، فتقطعه بالأفكار على حسب العقائد والبصائر، أصله نور سماوي، ونظر إلهي، يقع في قلب العبد ، ينظر به نظرة فيرى بها أمر الدارين بالحقيقة، يم هذذا النور ربما يطلبه العبد مثآة سنة فلا يجده، ولا يرى أثرا منه، وذلك لخطئه في الطلب ، وتقصيره في الاجتهاد، وجهله بطريق ذلك، وآخر يجده في 274
Página 274