Minhag al-ʿabidin

Al-Ghazali d. 505 AH
140

Minhag al-ʿabidin

منهاج العابدين

Géneros

============================================================

فإذا أشتغل القلب بشيء من هلذه الهموم. . كيف يتفرغ للعبادة 14 إذ ليس لك إلأ قلب واحد وقد ملأته من الهموم وماكان وما يكون من أمر الدنيا ، فأي موضع يكون فيه لذكر العبادة وفكر الآخرة ؟!

ولقد صدق شقيق رحمه الله حيث قال : إن حسرة الأمور الماضية وتدبير الأتية قد ذهبت ببركةآ ساعتك هذذه : والثاني من الأمرين : خطر ما في السخط من غضب الله تعالى، ولقد روينا في الأخبار : أن نبيا من الأنبياء شكا بعض ما ناله من المكروه إلى الله سبحانه وتعالى، فأوحى الله تعالى إليه : أتشكوني ولست بأهل ذم ولا شكوى ؟! هلكذا بدا شأنك في علم الغيب، فلم تسخط قضائي عليك؟ أتريد أن أغير الذنيا لأجلك، أو أبدل اللوح المحفوظ بسبيك، فأقضي ما تريد دون ما أريد، ويكون ما تحث دون ما أحب؟ فبعزتي حلفت ؛ لثن تلجلج هلذا في صدرك مرة أخرى.. لأسلبنك ثوب النبؤة ، ولأوردنك النار ولا أبالي .

قلث : فليستمع العاقل هلذه السياسة العظيمة والوعيد الهائل مع أنبيائه وأصفيائه صلوات الله عليهم، فكيف مع غيرهم ؟!

ثم استمع ما يقول : (لئن تلجلج هلذا في صدرك مرة أخرى)، فهلذا في حديث النفس وتردد القلب، فكيف بمن يصرخ ويستغيث ويشكو، أو ينادي بالويل والضراخ من ربه على رؤوس الملأ ويتخذ له أعوانا وأصحابا ؟!

وهذذا لمن سخط مرة، فكيف بمن هو في الشخط على الله تعالى جميع عمره ؟1 وهذذا لمن شكا إليه ، فكيف بمن شكا إلى غيره ؟!

نعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، ونسأله أن يعفو عنا، ويغفر لنا سوء آداينا، ويصلحنا بحسن نظره، إنه أرحم الراحمين: فإن قيل : فما معنى الرضا بالقضاء وحقيقة ذلك وحكمه ؟

فاعلم : أن علماءنا قالوا : إن الرضا ترك الشخط ، والشخط ذكر غير 174

Página 174