============================================================
قولك : فلان مصدق لي أنه قال لي : صدقت، ومعنى مؤمن لي : أنه صدقني وآمني، والمقصود الثاني لا الأول، فترك الجناس لذلك ، وترك أيضا في : أندعون بعلا وتذروت أحسن الخلقين} إما لأن التجنيس تحسين وإنما يستعمل في مقام الوعد والإحسان لا في مقام التهويل ، أو لأن يدع أخص من يدر ؛ لأنه ترك الشيء مع سبق الاعتناء به، فلو قيل: تدعون.. لتوهم آنهم كانوا معتنين بالإلله الحق ثم تركوه، وليس كذلك، بل كانوا تاركين له مطلقا، فتعين تذرون مبالغة في التشنيع عليهم، بأنهم بلغوا الغاية في الإعراض عن ربهم، وامتنع تدعون لإيهامه ، وبهذا تظهر غباوة بعض الأدباء في قوله : لوقال : وتدعون.. لراعى الجناس وبقيت أجوبة أخرى ليست بذاك، فلذا تركتها(1) وفي قوله: (وقد...) إلى آخره: التذييل، وهو: أن يؤتى بعد إتمام الكلام بجملة تشتمل على معناه تجري مجرى العلة؛ لتؤكد ما قبلها وتحققه، كقوله تعالى: { وهل تجرزى إلا الكفور) بعد : ذلك جزينهم بما كفروا ، وقول النابغة : (أي الرجال المهذب) بعد قوله : (ولست بمستبق:..) إلى آخره(2): تنبيه ثان: سيمر بك ذكر استعارات بليغة تحتاج إلى معرفتها في هلذه القصيدة، فلا بأس بالإشارة إلى بعض شيء مما يتعلق بها، وحدها : آنها مجاز يتضمن تشبيه ما عني به بما وضع له، فهي مجاز لغوي؛ لأنها لفظ استعمل في غير ما وضع له؛ لعلاقة المشابهة، ومن ثم احتاجت لقرينة ك: رأيت أسدا يرمي، ثم ما قصد اشتراك طرفيها المستعار له والمستعار منه فيه إما داخل فيهما، كاستعارة الطيران للعدو بجامع: أن في كل قطع المسافة، أو لا، كاستعارة الأسد للشجاع؛ إذ الشجاعة عارضة للأسد، وهي باعتبار طرفيها والجامع أقسام كثيرة، باعتبار أن كله إما : عقلي، وإما: حسي، ثم اللفظ (1) راجع كتاب "الإتقان " للامام السيوطي رحمه الله (923/2) فقد ذكر أجوبة أخري لذلك : (2) البيت من الطويل وهو بتمامه : ولشت بمشتبقي أخا لا تليه على شعث، أيي الرجال المهاب؟
وهو في " ديوان النابغة "( ص 18)
Página 22