192

La Minah Makkiyya

Géneros

============================================================

ورد عليه وعلى عياض وغيره الحافظ شيخ الإسلام ابن حجر، بأن طرقها كثيرة جدا، ثلاثة منها رجالها رجال الصحيح، وباقيها إما ضعيف واما منقطع، وبعضها تفرد بوصله أمية بن خالد، وهو ثقة مشهور(1)، فزعم ابن العربي وعياض آن رواياتها كلها لا أصل لها.. ليس في محله؛ إذ لا يتمشى على القواعد، فإن الطرق إذا كثرت وتباينت مخارجها. دل ذلك على أن لها أصلا، قال : (وقد ذكرنا أن ثلاثة أسانيد منها على شرط الصحيح، وهي مراسيل يحتج بمثلها من يحتج بالمرسل، وكذا من لا يحتج به؛ لاعتضاد بعضها ببعض، وحينئذ يتعين تأويل ما وقع فيها مما يستنكر، كقوله : ألقى الشيطان على لسانه : تلك الغرانيق العلا... إلخ، فلا يجوز حمله على ظاهره؛ لأنه صلى الله عليه وسلم يستحيل عليه أن يزيد في القرآن عمدا أو سهوا، واختلفوا في تأويله: فأخرج الطبري عن قتادة : أنه أصابته سنة، فجرى على لسانه ولم يشعر به، فلما علم.. آظهر بطلانه، وأحكم رثه آياته، واعترض بأنه لا ولاية للشيطان عليه في النوم، ويجاب: بأن هذا لا يثبت للشيطان ولاية عليه، وإنما غاية الأمر أن الشيطان لما رآه أصابته تلك السنة.. حاكى قراءته بصوت يشبه صوته، ثم بين الله للناس على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم بطلان ما وقع من الشيطان حتى لا يغتر به أحد، ثم رآيت من آجاب بما يؤيد ما ذكرته، وهو آنه صلى الله عليه وسلم كان يرتل قراءته فارتصد الشيطان سكتة ونطق بتلك الكلمات محاكيا نغمة النبي صلى الله عليه وسلم، بحيث يسمعه من دنا إليه منهم، فظظنها من قوله وأشاعها، واستحسن هذا الجواب غير واحد من المحققين كعياض وابن العربي، وأيدوه بما جاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما من تفسير تمى} بلاتلا"، فمعنى: { فى امنيته* أي : في تلاوته ، وفي ذلك إخبار منه تعالى بأن رسله عليهم الصلاة والسلام إذا قالوا قولا. زاد الشيطان فيه من قبل نفسه محاكيا له، ثم بين الله تعالى بطلانه، فعلم أن هذا نص في أن الشيطان زاد في قول نبينا صلى الله عليه وسلم لا أن نبينا قاله، وقد سبق إلى هذا المعتى الإمام المجتهد ابن جرير الطبري - مع جلالة قدره وسعة علمه وشدة ساعده في العلوم- فصوبه وارتضاه)(2) (1) فتح الباري (439/8) (2) جميع ما نقله الشارح - رحمه الله تعالى - من قوله: (قال: وقد ذكرنا أن ثلاثة.) إلى هنا..

Página 192