Del Traslado a la Creación
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (٣) الشرح: التفسير – التلخيص – الجوامع
Géneros
ويدخل ابن رشد في الموضوع مباشرة منذ البداية وراء الإسكندر في الحكم بأن مقالة اللام آخر مقالة في كتاب ما بعد الطبيعة؛ لأن بعض المقالات الأخرى السابقة تتضمن شكوكا في هذا العلم وتحاول حلها. ويتحدث البعض الآخر عن الموجود من حيث هو موجود أما مقالة اللام فتتكلم عن مبادئ هذا الوجود وفي مبادئ الجوهر الأول غاية الحقيقة. أما المقالتان التاليتان «الميم والنون» فلا يوجد شيء فيهما على القصد الأول ولا من رأيه الخاص بل مناقضة الذين قالوا إن مبادئ الموجودات الصور والأعداد، وهو تكرار لمضمون المقالة الثانية، الألف الكبرى، وفي أول مقالة الجيم مما يدل أيضا على أن مقالة اللام قد تكون آخر مقالات ما بعد الطبيعة.
فالإجابة على سؤال: لماذا بدأ ابن رشد بشرح الإسكندر قد تكون في التقليد المتبع آنذاك عند الشراح اليونان والمسلمين استمر فيه ابن رشد، خاصة وأن الشرح يبدأ بقضية ترتيب المقالات الداخلي وعددها. وهو موضوع عرفه ابن رشد من قبل في أول عرض الغرض من كتاب ما بعد الطبيعة، ولا يحتاج إلى شرح الشراح أو قضية حذف المقالين الآخرين، الميم والنون، وموضوعهما الصور والأعداد كمبادئ للموجودات عند أفلاطون وفيثاغورس المكرر في الألف الكبرى، وهو ما يعرفه ابن رشد دون ما حاجة إلى شرح الشراح. ولا يعقل أن يكون السبب هو صعوبة مقالة اللام أو خطورتها حتى يختفي ابن رشد وراء الإسكندر أو لعدم ثقته بنفسه والاعتماد على الآخرين. ولا يعقل أن يكون السبب تقية خاصة، وأن مقالة اللام، وهي أهم مقالات الكتاب، قد قاربت الدين، المحرك الأول، العلة الأولى، العناية الإلهية. وابن رشد لديه شجاعة الفقيه في الإعلان عن الحق، وربما توجد وحدة أصلية في الحضارة الإنسانية كلها في إطار واحد كما عبر عن ذلك الكندي في رسالته في الفلسفة الأولى.
ونتيجة الرؤية من خلال هذه العدسات الأربع هي عدم مطابقة تفسير ثامسطيوس لتفسير الإسكندر ومطابقة نص أرسطو مع تفسير الإسكندر وشرح ابن رشد؛ ومن ثم تجتمع ثلاثة نصوص ضد واحد مثل الفرق بين التواتر والآحاد في وجوه النقل الشفاهي عند المسلمين، اليقين في مقابل الظن. وقد تكون خمس عدسات عندما يروي أرسطو عن القدماء عن ديموقريطس مثلا. فتكون الأولى عدسة ديموقريطس التي يرى بها الأشياء، والثانية عدسة أرسطو التي يرى منها ديموقريطس، والثالثة عدسة الإسكندر التي يشرح منها أرسطو راويا عن ديموقريطس، والرابعة عدسة ثامسطيوس ملخصا الإسكندر الشارح لأرسطو الراوي عن ديموقريطس، والخامسة عدسة ابن رشد الشارح الذي يرى من خلال العدسات الأربع السابقة الناقد لثامسطيوس الملخص على الإسكندر الشارح لأرسطو الراوي عن ديموقريطس الرائي للواقع نفسه الذي يراه ابن رشد رؤية مباشرة وليس من خلال توسط الأقوال. كل عدسة ذات وموضوع في نفس الوقت . فديموقريطس ذات ترى الواقع وموضوع يراه أرسطو، وأرسطو ذات ترى ديموقريطس ويراه الإسكندر، والإسكندر ذات ترى أرسطو ويراه ثامسطيوس. وثامسطيوس ذات ترى الإسكندر ويراه ابن رشد. وابن رشد ذات يرى ثامسطيوس والسابقين عليه ولا يراه أحد من القدماء بل يراه الباحث الحالي رائيا للكل والسابقين عليه من خلال عدسة سادسة. وهكذا تتوالى العدسات، ويحدث التراكم التاريخي، ومذهب أرسطو هو أقل المذاهب شكوكا، وأكثرها مطابقة للوجود، وأكثرها اتفاقا مع الإسكندر، وأبعدها عن التناقض، وبالرغم من أن مسائل أرسطو صعبة وعويصة إلا أن ابن رشد يحاول أن يفهمها حسب الطاقة ويحسب الأصول والمقدمات التي تقررت في مذهبه. وقد يقتصر الإسكندر وثامسطيوس على المعنى الصحيح فيزيد ابن رشد العلة طبقا لطرف السبر والتقسيم عند الأصوليين.
55
وقد يرجع السبب في عدم المطابقة لاختلاف النسخة التي كان يعمل عليها الإسكندر وثامسطيوس لنص أرسطو أو لاختلاف نسخة الترجمة العربية التي كان يعمل عليها ابن رشد مع النسخة اليونانية للإسكندر أو لثامسطيوس أو لأرسطو. ويدرك ابن رشد السقط الذي في ترجمة الإسكندر ويكمله. وقد يرى زيادة فيها فيحذفها حرصا على النص الأصلي. النص النواة لكل شراح أرسطو؛ يونان ومسلمين، ويقوم ابن رشد بعمل المحقق التاريخي ليجد نسخة صحيحة من شرح الإسكندر بدلا من النسخة التي يختلط فيها كلامه فينقل الصحيح منها على جهة الظن ثم يراجعه على ترجمة أخرى، وينتهي تفسير الإسكندر بالإعلان عن ذلك سواء كان من ابن رشد أو من الشارح أو من الناسخ أو من الناشر بخط صغير. وقد تظهر ترجمة يحيى بن عدي لتوضح أي الترجمات اعتمد عليها ابن رشد.
56
ويحرص ابن رشد مع الإسكندر تحقيقا لرؤية أرسطو على الإبقاء على التمايز بين العلمين، الطبيعة وما بعد الطبيعة في دراسة الجوهر، المتكون الفاسد في الطبيعة، والثابت الأزلي فيما بعد الطبيعة دون رد أحدهما إلى الآخر، رد الطبيعي إلى ما بعد الطبيعي كما يفعل أصحاب الصور والأعداد، أفلاطون والفيثاغوريون، أو رد ما بعد الطبيعي إلى الطبيعي كما يفعل نيقولاوش . والبرهان على مبادئ الموجودات في علم ما بعد الطبيعة. أما الموجودات الموضوعة وضعا فهي في العلم الطبيعي. يحاول ابن رشد رفع التناقض بين ظاهر قول الإسكندر وحقيقته طبقا لمنهج الأصوليين في التفرقة بين الظاهر والمؤول، وهو المنتسب إلى بيئة الفقه الظاهري، وقد سبب إجمال قول الإسكندر وعدم تفصيل ثامسطيوس له غلط ابن سينا الذي يصححه ابن رشد بتفصيل قول الإسكندر. فابن رشد آخر الشراح والمتمم لأقوال أرسطو طبقا لمنهج الأصوليين في بيان المجمل، ويفرق الإسكندر بين ما في الأذهان كالمفاهيم والمعقولات مثل مفهوم التقدم وهي أدخل في علم ما بعد الطبيعة وما في الأعيان وهي أقرب إلى علم الطبيعة مثل تقوم الأشياء بعضها على بعض. وكذلك الجوهر فإنه يكون موضوعا للعلمين، كجوهر أزلي سرمدي ثابت في علم ما بعد الطبيعة، وكجوهر متكون فاسد في علم الطبيعة.
57
ويعرض ابن رشد لنماذج من موضوعات العلم الطبيعي مثل القوة والفعل والهيولى والكون والفساد هل هو بالطبع أم بالإرادة أي الصناعة أم بالاتفاق. يضم الإسكندر الموضوع من إحالاته المختلفة مثل القوة والفعل في حرفي الهاء واللام، ويتحقق من أقوال السابقين مثل ديموقريطس الذي يريد جعل المادة أزلية وليست فقط بالقوة. ويحيل إلى العلم الطبيعي للتحقق من أزلية المادة وليس إلى علم ما بعد الطبيعة كما يقول ابن سينا. وهو خلاف ظاهري؛ لأنهما علم واحد، مرة مقلوبا إلى أسفل فيصبح علم الطبيعة، ومرة مقلوبا إلى أعلى فيصبح علم ما بعد الطبيعة.
58
Página desconocida