Del Traslado a la Creación
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (٣) الشرح: التفسير – التلخيص – الجوامع
Géneros
24
ويحيل ابن رشد العمل إلى نفسه، تفسير الكتاب بالكتاب كنوع من إحالة الجزء إلى الكل داخل علم ما بعد الطبيعة. فأرسطو يفسر نفسه بنفسه، وعلم ما بعد الطبيعة يفسر نفسه بنفسه، وكل مقالة تحيل إلى الأخرى وتقوم عليها. فالمقالات كلها مقالات تركيبية من العام إلى الخاص، ومن غير المفارق إلى المفارق ، ومن الكثرة إلى الوحدة، ومن القوة إلى الفعل، ومن الحركة إلى الثبات.
25
ويتحدد مسار الفكر بعدة أفعال مثل: شرع، أتى، أخذ، فرغ، انتهى، عاد. كما تظهر حروف العطف مثل «ثم» لتكشف عن استمرار الفكر في استدلالاته. وعندما يشعر ابن رشد بالاستطراد يعود إلى نقطته الأولى وإلى موضوعه الرئيسي بعد أن قام بتطهير مناطق أخرى من اللبس والغموض. ويسير ابن رشد مع مسار الفكر الأرسطي، بداية ووسطا ونهاية، ما تم وما يتم وما سيتم. أرسطو يعلن، وابن رشد يكشف مضمون الإعلان. ويحدد ابن رشد المسار الفكري للمقالات الأربعة عشر كلها. المقدمات العامة من الأولى حتى السادسة، والجواهر غير المفارقة في السابعة والثامنة، والقوة والفعل في الثامنة، والواحد والكثرة في العاشرة، والجواهر المفارقة في الحادية عشرة (اللام)، وأقوال القدماء في طبائع الجواهر المفارقة في الثانية عشرة والثالثة عشرة، رادا الاعتبار إلى مقالي الميم والنون، وقد تم حذفهما لأنهما يحتويان على أقوال القدماء في طبائع الجواهر المفارقة، من المترجم أو الشارح السابق وربما من الناسخ وليس من ابن رشد، وكأن التاريخ يأتي في البداية وليس في النهاية. كما تم رد الاعتبار إلى مقالة الكاف السابقة على اللام لابن رشد بعد المقالات الأربع عشرة كلها، بل ويقترح ترتيبا آخر للمقالات مثل أن تكون بداية المقالة السابقة بداية المقالة الأولى، يعيد بناء علم ما بعد الطبيعة من أسفل إلى أعلى، من الكثرة إلى الواحد، يتخللهما حركة القوة والفعل على النحو الآتي:
26
ويحدد ابن رشد الغرض من علم ما بعد الطبيعة ومنفعته وأقسامه ومرتبته ونسبته إلى باقي العلوم كما هو الحال في عرض العلوم الإسلامية وكما فعل الفارابي في تحقيق غرض أرسطو في كتاب ما بعد الطبيعة وهو ترتيب ضروري نافع في تناول هذا العلم. وذلك كله من أجل التركيز وحصر الأمور في عدد محدد من القضايا وتلك مهمة الجوامع.
27
ومن طرق الاستدلال العبارات التي تبدأ بتعبير «لما ... كان ...» أي وضع المقدمات ثم استخراج النتائج. بعد «لما» يأتي الفعل الأول يتلوه الفعل الثاني كما هو الحال في فعل الشرط وجواب الشرط . ومعظم أفعال الشرط مثل: أخذ، ذكر، أخبر، بين، قرر، وضع، كان، عرف، حكى، أتى، فحص، عدد، فرغ، استوفى، قال، خص، فصل، شرط، سأل، أبطل، قدم، رسم، حد. ومعظم جواب الشرط أخذ، قال، شبه، استنتج، بين، أراد، ذكر. وقد يتشابه الفعلان وقد يختلفان. وقد يتفق الزمان، وهو في الغالب الماضي، وقد يختلفان. وهو أسلوب حيثيات القاضي قبل إصدار الأحكام، ويصف ابن رشد أفعال الشعور المعرفي عند أرسطو، منطلقاته ونهاياته، مقدماته ونتائجه، ناظرا إليه من عل وليس من أسفل، من الداخل وليس من الخارج. لا يهم مضمون العبارة بل صورة الفكر الدالة على مساره.
28
وأحيانا يضع ابن رشد جملة اعتراضية من عنده داخل نص أرسطو حتى يبين مسار الفكر الأرسطي وتحولاته الرئيسية. ويقطع الشرح ويعود إلى عبارة أرسطو للاستشهاد بها. فبالرغم من أن الشرح مفصول عن النص إلا أن النص في صيغة عبارات تعاود الظهور في الشرح كما أن الشرح في صيغة عبارات قصيرة تعاود الظهور في النص. فالنص الأرسطي في النهاية ليس هو القرآن الكريم، ويتحدث ابن رشد عن أرسطو باعتباره شخصا ثالثا، مغايرا، موضوعا، آخر في مقابل الأنا أو الذات. هذا التقابل بين الأنا والآخر، بين الموروث والوافد هو الذي يجعل الشرح ممكنا، وضع الوافد في إطار الموروث، ورؤية الآخر في مرآة الأنا. ووظيفة هذه الصيغة للاستدلال ضم الأجزاء كلها في بؤرة واحدة، وتجميع أجزاء الفكر في استدلال واحد. ولا يقطع ابن رشد بشيء. ويظل في إطار منطق الاحتمال حتى لا يغلق الباب أمام غيره من الشراح. فهو يجتهد رأيه ولكن لا يقطع به على عكس باقي الشراح الذين يتعسفون مع نص أرسطو ويضبطونه على معتقداتهم السابقة. وقد يكون الاستدلال بالنفي. ويكون فعل الشرط منفيا ب «لم» فيكون الجواب منفيا كذلك. وأحيانا يكون الفعل منفيا والجواب مثبتا أو يكون الفعل مثبتا والجواب منفيا، بالإضافة إلى فعل الشرط المثبت والجواب المثبت، وهي الصيغة الأولى. فهذه أربعة احتمالات بين النفي والإثبات في أحكام الاستدلال. وأحيانا يكون الاستدلال بحروف العطف المنفصلة من أجل بيان الحلقة الثالثة في مسار الفكر ومنطق الاستدلال. وأحيانا تبدأ الجملة بالتقرير دون الشرط عندما يكون الموضوع واضحا بذاته. وقد يبدأ الاستدلال بالأسماء في جمل اسمية تعاملا مع الجواهر لا الأفعال. وقد تكون الأسماء أسماء جواهر أو أسماء إشارة. وأحيانا تكون وظيفة الاستدلال بيان العلة والسبب. فالفكر لا يحكمه فقط منطق الاتساق بل أيضا منطق التعليل. وقد لا تكون العلة في الواقع التجريبي بل علة الفكر. فالعلة عنصر الربط بين المقدمتين في القياس الصوري، وبين الأصل والفرع في القياس الشرعي، وبعد نهاية الاستدلال يصدر الحكم بالتناقض أو الخلف أو التعاند. وفي نفس الوقت الشرح أيضا نظرية فيما ينبغي أن يكون عليه الفكر، وطريقة صياغته ومنطق الاستدلال. فصحة المعنى ليست فقط مستقرأة من النص بل مضبوطة بالفعل؛ لذلك كثرت في الشرح عبارات «ينبغي أن ...».
Página desconocida