وجاء عيد الجلوس الهمايوني فانتهز الشيخ الفرصة، وأعد لها عدة خازنية، فبعد تقديم التهاني ورفع الأدعية الحارة بطول بقاء الذات الشاهانية دق المتصرف للشيخ تلك الدقة عند الانصراف، فأخرج الشيخ من جيبه ورقة ملفوفة بشكل أصبع وقدمها له، فعبس دولته إذ رآها ظانا أنها من أصابع الرشوة الصفراء ... ولكنه تناولها منه وهو يقول: ما هذي يا شيخ رشيد؟!
فأجاب الشيخ: شربة ملح إنكليزي تساعدنا على الخروج من هذاك المطرح ...
وترجم للباشا ما قال فضحك وأمر بكتابة «البيلوردي».
ترى إلى كم قنطار ملح إنكليزي نحتاج اليوم إذا أردنا تحقيق جميع المآرب!
15 / 11 / 52
بعد عاصفة الشوف
إذا رأى غريب عاصفة الانتخاب في الشوف ظن أنها الأولى من نوعها في لبنان، أما المخضرم مثلي فيراها صورة لما كان يجري، وعما يجري عند كل انتخاب، حتى انتخابات المختارين والبلديات وانتقاء النواطير .
إنها بضاعة لبنانية ذات ماركة مسجلة، أما هذه الحركة فتمتاز بشيء واحد وهو تحقيقها لقول السيد المسيح: ما جئت لألقي سلاما بل حربا، جئت لأفصل الأخ عن أخيه، والابن عن أبيه، والمرأة عن زوجها ...
قد رأينا - لأننا شهدناها عن كثب - أن الأخ يعارض أخاه والابن أباه والكثير من البيوت انقسمت على بعضها، إن مثل هذا أيضا كان يحدث في لبنان في أيام طغيان الإقطاعية السوداء، ولكن ذلك كان يحدث تقية أما اليوم فأظنه عقيدة، وإذا لم تكن قد تبلورت بعد فسوف تتبلور.
حدثني عمي - حين كان يبرر موقفه من البطرك إلياس الذي كان غاضبا علي لإلحادي وكفري - قال: مثلك ومثلي يشبه حكاية ذاك العم وابن أخيه في عهد الأميرين يوسف وبشير، انقسما فكان العم من حزب المير يوسف، وكان ابن أخيه من حزب المير بشير، فكان إذا حكم الأمير بشير وأراد الانتقام من العم صاح ابن أخيه: والو يا سيدنا المير! أيش تقول عني الناس؟ ألا يقولون شب طويل عريض ما قدر يحمي شيبة عمه، وهو شيخ جليل؟!
Página desconocida