وقال ماجدو: «إن في هذا المتجر يا صديقي فتيات للحب ... لقد أخبرني صديق زار «كونستانزا» من قبل ...»
ودخل الصديقان المتجر وراحا ينظران، ووقف «ماجدو» يتحدث إلى بائعة المناديل، وذهب توفيق إلى جارتها، ونظر إليها ونظرت إليه، وتحدثت عينان إلى عينين، وقالت الفتاة بصوت مضطرب: «هل يريد سيدي ...؟»
ولكن توفيق لم يكن يريد شيئا غيرها ...
لقد ذاق توفيق من الحب ألوانا وفنونا، ولكنه لم ير من قبل مثل هذا الفن وهذا الجمال.
لكأنما كان يتنقل في البحار من شرق الأرض إلى غربها؛ ليدرك موعدا واعده القدر إياه في هذا المكان.
وإن صوتها لينفذ في أعماقه وله رجع بعيد، كأنما كانت تهتف به من وراء البحار: إلي يا حبيبي إلي؛ فإني أنتظرك منذ أزمان! وأحس لأول مرة أنه وأنها ... وأحست، وتواعدا على اللقاء.
والتقيا على موعدهما، وجلسا يتحدثان، وقال وقالت، وعرفت أن صاحبها مصري، فصاحت فرحانة: «مصري! ما أجمل هذا! إن بيننا نسبا يا صديقي؛ إن أبي من تركيا، أعني جدي، إنني لست رومانية خالصة، ومع ذلك ...»
وسكتت «مارتزا» فلم تتم، لقد رأت في عين صاحبها نظرة زعمت أنها تفهم معناها. وأحس توفيق إحساسا جديدا منذ الساعة. إنه ليشعر كأنما يتحدث إليه القدر بلسان هذه الفتاة حديثا لا يكاد يعيه ...
وتناول يدها بين راحتيه، ومال عليها فقبلها، واغرورقت عيناه.
لقد جلس توفيق مثل هذا المجلس من قبل مرات ومرات، ولكنه لم يكن في مرة منها في مثل حاله الليلة. هذه فتاة لم يعرفها إلا منذ ساعات، دعاها إلى خلوة للهو والشراب فما تأبت، ما له يحس في مجلسها هذا الإحساس الغامض حتى لا يكاد ينظر إليها نظرة رجل إلى امرأة؟ وما باله يشعر في مجلسه منها كأنه قد ارتفع عن بشريته، حتى ليستشعر الندم لأنه دعاها إلى هذا المجلس من مجالس اللهو الحرام؟!
Página desconocida