وأشكر لكم هذا التقدير الغالي ... إن أمة تحتفي هذه الحفاوة بالنابغين من أدبائها لحقيقة بالخلود ...
وقال الرجل الذي يجلس إلى جانب الفتى في الصف الأخير ونظر إليه: «لله ما أحكم منطقه وأسد بيانه!»
قال الفتى: «شكرا!»
وسمعها جاره فابتسم، وماذا يملك أكثر من أن يبتسم؟ إنه ليعرف أن مجالس أهل الأدب هي أحفل المجالس بالمجانين!
واستمر الأديب الكبير يخطب:
إني لمدين للأمة بما أبذل لها من أعصابي ومن دمي، شاكر لله ما وهب لي من قدرة تهيئني لأن أكون بهذا المحل الرفيع بين أبناء قومي ...!
إن الأدب الذي يسمو بضمير الأمة، ويشرع لها طريقا إلى المجد والخلود ...
والتفت الفتى إلى جاره يقول: «لقد نسي فقرة طويلة ... إنها كانت أجمل ما في الخطبة!»
ونظر إليه جاره فلم يتمالك إلا أن يضع راحته على فمه يكتم ضحكة يخاف أن تفلت، وتنبه الفتى بعد سهوة، فاحمر وجهه ثم اصفر، ثم نهض فغادر المكان ...
ونهض الفتى من فراشه مبكرا بعد ليلة ساهدة، فقصد إلى دار الأديب الكبير يهنئه على ما نال من إعجاب الناس وما ظفر به من التقدير والمكانة، ويستعينه على أمر ... وقرأ صحف الصباح في الطريق، فعرف ما فاته مما كان في الليل ...
Página desconocida