Desde la conversación del alma

Cali Tantawi d. 1420 AH
77

Desde la conversación del alma

من حديث النفس

Editorial

دار المنارة للنشر والتوزيع

Número de edición

الثامنة

Año de publicación

١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م

Ubicación del editor

جدة - المملكة العربية السعودية

Géneros

منه، لولا أنها سمعت هذه الجبال تقهقه ساخرة من الإنسان هازئة من غروره، يرى نفسه شيئًا مذكورًا ويحاول أن يتكلم بعقله عن كل شيء وما هو بقادر على فهم نفسه، وما عمره في هذه الدهور (التي مرت من قبله كأنمّا لا أول لها، وتمر من بعده كأنمّا لا آخر لها) إلاّ كحبة من الرمل في صحراء جدباء أو هو أصغر من ذلك! وما لي ولهذه الأفكار أتعبك بها؟ إني راجع إلى حديثي: جاءنا الشاعر بطعام لذيذ كنّا أحوجَ ما نكون إلى مثله، فحملنا عليه حملة صادقة وحدَدنا أسناننا وشمرنا عن سواعدنا وهجمنا، فلم يثبت منه شيء أمامنا. ثم قمنا نجول في منين، نمشي في الشارع الفرد الذي يمتد على سفح الجبل حتى يصل إلى العين، فيمر فوق منبعها على جسر رفيع الجنَبات متين الدعائم، تنظر إليها منه فترى صفحةً من الماء الزلال كأنها مرآة أزلية أقامها الإله ﷻ لتنعكس فيها العواطف والتأملات ويبدو فيها خيال الحب وطيف الذكرى ... ثم ملنا إلى الغرب فوقفنا عند مفترق الطرق نراقب طريق حلبون، ننظر هذه الخيول المطهمة وهذه السروج المحلاة بالذهب التي تفضل بطلبها مولانا الشاعر. وراح الشاعر يحدثنا عن حلبة السباق التي ستقام عند وصوله، ويصف لنا المجلّي والمصلّي (١)، ويعِدنا أنه سيعدو

(١) المُجَلّي هو الأول في السباق والمُصَلّي هو الذي يأتي ثانيًا، وهما مفردتان تُطلَقان على الفَرَس في السباق (مجاهد).

1 / 83