أنا
نشرت سنة ١٩٣٧
-١ -
قال لي أهلي: لقد جئتَ إلى هذه الدنيا عاريًا بلا أسنان، لا تحسن النطق ولا تعرف شيئًا. فضحكت ولم أصدق، فأعادوا ذلك عليّ، وألقوه كأنه قضية مسلَّمة وأمر واضح لا يحتمل الشك، وعجبوا مني حين أكذّبه وأرده. ولكني بقيت على رأيي الأول، لم أستطع مطلقًا أن أصدّق ما يقولون لأني أعرَفُ بنفسي منهم، ولأني أذكر ماضيّ كله: أذكر أني فتحت عينيّ ذات يوم فجأة ونظرت ... فوجدت نفسي، ورأيت أن لي أسنانًا وعليّ ثيابًا، وأن بي قدرة على المشي والنطق، ورأيتني شخصًا مستقلًا عن أبي أمي وسائر أهلي، أحب أشياء لا يحبها أحد منهم وأكره أشياء لا يكرهونها، ولا يميزني منهم إلا أني كالطبعة المختصَرة من الكتاب، فيها الأبواب كلها والفصول بيد أنها موجزة و... بالقطع الصغير!
أفيُعقل أن أكون موجودًا قبل ذلك، وأنا لا أعرف نفسي؟
مستحيل!
1 / 9