على أن لديّ أشياء ما بدّلتها قط ولن أبدّلها إن شاء الله؛ هي أني حاربت الاستعمار وأهله وأعوانه وعبيده دائمًا، ومجّدت العربية وسلائقها وأمجادها وبيانها دائمًا، وكنت مع الإسلام وقواعده وأخلاقه وآدابه دائمًا.
وقد بلغ ما طُبع من كلامي أكثر من عشرة آلاف صفحة، لو نخلتَها نخلًا ما وجدتَ فيها -بحمد الله- سطرًا فيه تزلف للظالمين، ولا سطرًا فيه إزراء على العربية، ولا سطرًا فيه خروج على الإسلام. وشيء آخر؛ هو أني ما كنت أبدًا في حزب ولا جماعة ولا هيئة، وما كان قلمي لهيئة ولا جماعة ولا حزب.
ولقد كنت أكتب في الصحف أيام الفرنسيين، فكنت أقول ما لا يجرؤ على أكثر منه قائل من الوطنيين. وليست هذه دعوى بلا دليل، بل هي حقيقة دليلها موجود في صحف تلك الأيام، في «فتى العرب» و«المقتبس» و«القبس» و«ألف باء» و«الأيام» و«اليوم» و«النصر» و«الناقد» و«الجزيرة». ولقد كنت أدعو إلى وحدة أقطار العرب يوم كان في دمشق دولة، وفي حلب دولة، وفي السويداء دولة، وفي اللاذقية دولة، وكان لكل دولة حدود ولها حكومة ولها رئيس!
* * *
وبعد، فلقد كنت أريد أن أجعل هذه المقدمة ترجمة لي، على عادة المصنّفين قديمًا وحديثًا في الترجمة لأنفسهم، لا سيما وموضوع هذا الكتاب «أنا»، ثم آثرت أن أجعل ذلك موضوعَ كتاب
1 / 6