229

Desde la conversación del alma

من حديث النفس

Editorial

دار المنارة للنشر والتوزيع

Número de edición

الثامنة

Año de publicación

١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م

Ubicación del editor

جدة - المملكة العربية السعودية

Géneros

المتزوج يتمنى العزوبة والعَزَب (١) يشتهي الزواج، والمقيم يرجو السفر والمسافر يطلب المعاد، والريفي يحن إلى المدينة والمدني يتشهى الريف، ونحن كلنا أطفال ... تشتري للطفل اللعبة النفيسة فيفرح بها ويهش لها، ثم يلقيها ويطلب غيرها ولو كان دونها! ثم إن الآمال لا تنتهي؛ فمن أُعطي المليون ابتغى المليونين، ومن رُفع في الوظيفة درجة طلب درجتين، فلا يزال في شقاءين: شقاء بالحاضر الذي لا يقنع به، وبالآتي الذي لا يصل إليه.
أفلهذا وجدت وسعيت أربعين سنة؟ أسعيت لأدرك السراب؟
وتتالت عليّ الفِكَر، وعاودني الضيق الذي طالما كاد يدفعني (لولا خوف الله) إلى طلب الموت من سنين! وما أشكو المرض فصحتي جيدة، ولا أشكو الفقر فما أجد من المال يكفيني، وإنما أشكو فراغًا في النفس لا أعرف مأتاه، وقوىً فيّ لا أجد لها مصرفًا، وحنينًا إلى شيء غامض لا أدري ما هو على التحقيق.
وتركت القلم والورق وقمت أدور في الغرفة، فوجدت على نضد إبريقًا من البلّور الصافي طويل العنق واسع البطن، فيه نحلة قد دخلت ولم تستطع الخروج، فهي تتحفز وتتجمع وتثب متقدمة بقوة وبأس، فيضرب الزجاج رأسها ويردها، فتعاود

(١) قال صاحب القاموس: "العَزَب من لا أهل له، ولا تقل أعزب"، وفي المعجم الوسيط: " «الأعزب» استعمال قليل، والأجود «عَزَب» " (مجاهد).

1 / 246