306

De la Doctrina a la Revolución (2): La Unidad

من العقيدة إلى الثورة (٢): التوحيد

Géneros

34

بعض الأسماء إذن صفات ذات وبعضها صفات معنى وبعضها صفات فعل طبقا للدوائر الثلاث: (أ) ما يستحق لذاته كوصفه بأنه شيء وموجود وذات وغنى، أي أوصاف الذات التي لا تكشف عن أفعال أو علاقات أو مظاهر العالم. (ب) ما يستحق لمعنى قام به كالعالم والقادر والحي والسميع والبصير والمتكلم والمريد، وهي صفات المعنى. (ج) ما يستحقه لفعل من أفعاله كالخالق والغافر ونحو ذلك. وواضح أن أسماء الأفعال أكثر اتساعا من أسماء الذات وأسماء المعنى لأنها أشمل وأوسع وبالتالي تعطي الفرصة أكبر للتعبير عن حاجات العصر. وبالتالي يمكن رؤية الاستخدام الوظيفي لهذه الأسماء واستعمالها ضد فرق المعارضة، وملئها بمضمون عقائدي مخالف لعقائدها مثل القدرية والثنوية في خلق الأفعال، والقدرية في الصلاح والأصلح، والقدرية ثالثا في قانون الاستحقاق، ووضع القدرية أي المعارضة الداخلية العلنية مع المجوس أي المعارضة الخارجية حتى يسهل حصار عقائد المعارضة. وقد تقع بعض الأسماء كصفات ذات وصفات فعل في آن واحد، مما يدل على أن التصنيف ليس محكم التخوم.

35

وهل يجوز اشتقاق اسم فاعل من اسم فعل؟ أليس هذا تشخيصا وقضاء على جوهرية الفعل وهو ما يعاني منه جيلنا؟ أليس هذا تفكيرا علميا بدائيا في تشخيص الظواهر دون إدراك قانونها المستقل كظاهرة طبيعية؟

وسواء كانت قسمة الأسماء ثلاثية أو رباعية، فإنها كلها ترد إلى القسمة الثنائية إلى الذات والفعل سواء كان المدخل إلى ذلك اللفظ أو المعنى، اللغة أو الفكر. إذ يمكن تقسيم الأسماء اعتمادا على قسمة اللغة: الأفعال إلى لازم ومتعد، فاللازم يشير إلى الذات كالشيء والحي لا يتعداه، والمتعدي يشير إلى العلاقة أو الإضافة أو النسبة إلى الغير كالعالم والقادر والمريد والسميع والبصير لأنه يتعدى إلى معلوم ومقدور ومراد ومسموع ومبصر. وهنا لا يتميز الاسم بشيء عن الصفة. ويمكن اعتبار الأوصاف والصفات أسماء. فالاسم هو الجامع للوصف والصفة دون أن تكون له دائرة خاصة، ويتحكم في هذا التقسيم علاقة الشيء بالذات وعلاقته بالغير، أي قانون الهوية والاختلاف.

ويمكن تقسيم الأسماء إلى نوعين: الأول مخصوص به كالإله والخالق والرازق والمحيي والمميت والآخر، وما يجوز تسمية غيره به كالحي والعالم والقادر. وهي قسمة تقوم على التخصيص النوعي، واحتمال الاشتراك من عدمه. فالذات تختص بأسماء دون غيرها لا يشاركها فيها أحد في مقابل أسماء أخرى تقع فيها الشركة. وهي قسمة تحرص على التنزيه دون الوقوع في التشبيه وتترك أوصاف الذات ولا تدخلها في الأسماء. والحقيقة أن الأسماء التي لا تقع فيها الشركة هي أيضا أسماء مشتركة عن طريق التصور ونشأة الألفاظ طبقا للحاجات. فلأن الإنسان في حاجة إلى رزق تصور الرزاق، ولأنه في حاجة إلى طول العمر تصور المحيي، ولأنه عاجز أمام الموت تصور المميت، وهي أيضا لا تميز الأسماء وترجع إلى الصفات.

أما قسمة الأسماء إلى مطلق كالحي والقادر وإلى مضاف مثل الجلال والإكرام رفيع الدرجات مقلب القلوب والأبصار، فإنها قسم تقوم أيضا على التعلق والإضافة سلبا وإيجابا. والحقيقة أن الحياة والعلم والقدرة لها أيضا متعلقات هي المعلوم والمقدور، وكأن صفات الذات هي بالضرورة صفات فعل بمعنى أن لها تعلقا بالغير وهو ذات الإنسان وفعله تحقيقا أو إحباطا أو فشلا، قدرة أو عجزا .

وقد تكون القسمة رباعية للأسماء. الأولى لا تدل إلا على ذاته، وهذا صادق أزلا وأبدا، والثانية ما تدل على الذات مع زيادة سلب كالقديم والباقي والواحد والغني، والثالث ما يدل على صفة زائدة من صفات المعنى مثل الحي والعالم والمتكلم والآمر والناهي والخبير، وهو مثل الأول والثاني، والرابع ما يدل على الوجود مع إضافة فعل كالجواد والرازق والخالق والمعز والمذل. فإذا كانت الصفات أزلية وأسماء الأفعال حادثة، فإن هذا القسم الرابع مختلف فيه بين القدم والحدوث.

36

والحقيقة أنها قسمة ثنائية مزدوجة، فالنوعان الأول والثاني صفات ذات والنوعان الثالث والرابع صفات أفعال بمشاكل الصفات وأحكامها مثل القدم والحدوث. ويتضح رد القسمة الرباعية إلى ثنائية في قسمة الأسماء إلى مشتقة أو غير مشتقة، فالأولى نوعان: صفة قائمة به أزلية مثل القادر والعالم وباقي الصفات السبع، وأخرى مشتقة من الفعل وهو حادث. وهذا نوعان: الأول مشتق من فعل كالخالق والرازق والمنعم، والثاني من فعل غيره كمعبود ومشكور، وهو أيضا حادث.

Página desconocida