De la Doctrina a la Revolución (2): La Unidad
من العقيدة إلى الثورة (٢): التوحيد
Géneros
وقد نشأ من هذا التصور للروح الطاهرة سلوك متطهر يقوم أيضا على قسمة الحياة إلى روح ومادة، واعتبار المادة أقل شرفا وأحط مرتبة من الروح وما يترتب على ذلك من مخاطر الازدواجية والنفاق والخلط في السلوك الإنساني، الفردي والجماعي.
125
لم يتعرض القدماء كثيرا لهذه الصفة الثالثة، وهي الحياة، مع أنها الصفة التي تستطيع أن تكشف الإنسان من حيث هو حياة كما كشف العلم عن تغير الواقع وتكيف العلم طبقا له وكما كشفت القدرة عن طبائع الأشياء وعن الحرية الإنسانية. لم يذكر القدماء إلا أن الباري حي؛ لأنه يفعل فلا فعل بدون حياة. الحياة حياة الفعل، والفعل فعل الحياة.
126
وبما أننا لا نحيا، وليس لدينا شعور بالحياة فلم نهتم بتفصيل هذه الصفة كما فعلنا في العلم والقدرة لإثبات أن الله عالم بكل شيء
يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور
لإعطاء تصور تمثله السلطة لإحكام سيطرتها. ومع ذلك إن لم يعبر جيلنا عن الحياة في صياغة عقلية تقوم على تحليل الواقع، فإنه يعبر عن نفسه بأسلوب التهكم والسخرية كنوع من التفريج السري عن الهم أو في التعبيرات الرمزية في الأدب والصحافة من أجل رفع الغطاء عن الحياة المانع لها من الصياغات العقلية الصحيحة أو في خطاب الزعيم الذي يهدف إلى تخفيف حدة الأزمة نفسيا أو بإعطاء الوعود أو بإظهار بطولة ابن البلد والفروسية القديمة أو التحول إلى المنظمات السرية من أجل تحويل المشكلة من الكبت النظري إلى التفريج العملي أو عدم الوعي بها على الإطلاق، وحصر الحياة في البحث عن لقمة العيش للمحافظة على الحياة العضوية، أو باستغلال الأزمات للمكاسب الشخصية وللحصول على المناصب والرزق الوفير أو تعميقها وتبريرها ولويها لصالح السلطة بالتستر وراء الحكم، وهو في الحقيقة وضع للعلم في سوق السلطة أو هروبا إلى حلقات الذكر والطرق الصوفية أو في حلقات الحشيش وجلسات المرح. أما في أصل الوحي فالحياة هي الحياة الدنيا، حياة الناس. الحياة امتحان واختبار وعمل، قانونها الأضداد، إخراج الحياة من الموت والموت من الحياة. وهي فعل لله لإحياء الأرض والبلاد والعظام والنفس والناس ولم تستعمل كصفة له. الحياة فعل لفاعل أكثر منها صفة مستقلة له.
127 (5) السمع والبصر
وهما أول صفتين في الرباعي، يأتيان معا باستمرار في هذا الترتيب بداية بالسمع وتثنية بالبصر. وهما أقل ظهورا من الإرادة والكلام، كما أن الحياة أقل ظهورا في الثلاثي من العلم والقدرة. وكلاهما يدخلان على أنهما من الإدراكات. لذلك لا يظهران كصفتين مستقلتين بل يظهران مع العلم في إثباته، ومع إثبات أوصاف الصانع وعلى أنهما مظهران للحياة.
128
Página desconocida