De la Doctrina a la Revolución (2): La Unidad
من العقيدة إلى الثورة (٢): التوحيد
Géneros
ليس كمثله شيء وهو السميع البصير . النفي قبل الإثبات، النفي للتنزيه والإثبات للتقريب إلى الأفهام وليس لإثبات الصفات وإلا وقعنا من جديد في مخاطر التشبيه وربما التجسيم.
وإذا كان التجسيم الأول قد نشأ رد فعل على الهزيمة وكرغبة في تخليد الزعيم لدرجة التأليه حرصا على الحق الضائع وإثباته على الأقل في الخيال كامتداد طبيعي للعقل، فإن التشبيه هذه المرة يحدث نتيجة للرغبة في المحافظة على المعاني الحرفية للنصوص وتفسيرها تفسيرا ماديا شخصيا وعدم معرفة بدور الصورة الذهنية كأحد وسائل التعبير.
199
فإذا كان التجسيم نتيجة لوضع سياسي ورد فعل على الهزيمة، فإن التشبيه خطأ في نظرية التفسير وفي فهم طبيعة اللغة ورفض أي عمل عقلي أو حضاري على النص.
200
لذلك كانت الحجج المقدمة حججا نقلية خالصة مفسرة تفسيرا حرفيا دون أي تدخل من جانب العقل. وقد يكون الدافع على ترك السلف للتأويل ليس استبعادا للسؤال النظري، بل لأنهم كانوا مشغولين بالفتوح وتحرير البشر، والدعوة للدين الجديد، وتحقيق الرسالة، أي إثبات الصفات عمليا عن طريق تحقيقها بالفعل. لم يكن السؤال النظري مطروحا ثم استبعدوه. لم يطرح السؤال نظريا إلا بعد توقف الفتوح، فالنظر تعويض عن العمل. وإذا كنا الآن في ظرف مشابه لتحرير الأرض، فهل يظل السؤال مطروحا نظريا أم يتحقق عمليا؟
201 (5-5) إيجابيات التشبيه
وبالرغم من التشبيه وجزع النفس منه، وصدمه للعقل، واستنكاف الشعور منه، إلا أنه يكشف عن عدة حقائق، منها: (1)
يستحيل التعبير عن عواطف التأليه إلا باللغة الإنسانية. ولما كانت اللغة الإنسانية بطبيعتها مستقاة من حياة الإنسان، فاستعمالها يؤدي حتما إلى التشبيه، والتعبير عن كل شيء بلغة الإنسان. ومن ثم لا يمكن الحديث عن المؤله إلا بالحديث عن الإنسان المؤله المدفوع إلى أقصى حد له، وكأنه لا يمكن الحديث عن الموضوع دون الحديث عن الذات، فموضوع التأليه والذات المؤلهة واحد. (2)
لا يمكن التعبير عن المؤله بأسلوب مجرد خالص كما هو الحال في الرياضيات، بل بأسلوب التشبيه والاستعارة والكناية، أي بلغة الصورة الفنية. وبالرغم من تجاوز التشبيه، خاصة في التجسيم، من اللغة إلى الشيء، إلا أن الصورة هي الأسلوب المعبر عن عواطف التأليه، لا لأن الصورة أقرب إلى العامة وأسهل على فهمها بل لأنها حقيقة تعبر عن وجود حقيقي، فاللغة تحيل إلى الشيء، والتصور إلى الوجود، وهو نوع من الأنطولوجيا الشعبية البدائية قبل الإحكام النظري المتقدم لحضارات الذهن. (3)
Página desconocida