De la Doctrina a la Revolución (2): La Unidad

Hasan Hanafi d. 1443 AH
103

De la Doctrina a la Revolución (2): La Unidad

من العقيدة إلى الثورة (٢): التوحيد

Géneros

64

وقد لا تكون الأضداد بالضرورة مرذولة لأن بفضلها أمكن معرفة أضدادها الخيرة، فالنقيض هو الذي يوجد الموضوع ويظهره، والحقيقة لا تظهر إلا بنقيضها. والأضداد حقيقة إنسانية شخصها اللاهوت في عملية التأليه، ولكن أساسها الانفعالات. هناك المحبة والكراهية، الولاية والعداوة، التواضع والغرور، الأمل واليأس، الفرح والحزن إلى آخر ما هو معروف من تحليل الصوفية أو علماء النفس للانفعالات الإنسانية وتثبيتها بين النقيضين، سماها الصوفية أحوالا وعلماء النفس انفعالات موجبة وسالبة. وقد تتحول هذه الأضداد من مستوى الانفعال إلى مستوى العقل، فتظهر ثنائيات الأخلاق المثالية بين الخير والشر، الفضيلة والرذيلة، الأنانية والغيرية أو ثنائيات التشريع المثالي من حلال أو حرام، وإيمان وكفر، وثواب وعقاب، وأمر ونهي. وقد تتشخص الأضداد في التشبيه فيما يتعلق بالأخرويات من جنة ونار، وملاك وشيطان، ونور وظلمة، ويمين ويسار، وحلو ومر، وإشباع وحرمان.

وكثيرا ما تساعد العامة على التأليه. فالعامة بتكوينها النفسي البدائي، وضعفها العقلي الثقافي تحتاج إلى وظيفة جماعية أو إلى فرد تصب عليه انفعالاتها وعواطفها، ترى فيه المحقق لأمانيها والملبي لرغباتها، والمدافع عنها في ساعة الخطر؛ لذلك تحتاج المجتمعات البدائية أو المتخلفة للزعامة، وتأليه الأفراد، وعبادة الأشخاص بخلاف الجماعة الواعية التي إن ادعى فيها أحد الأشخاص الألوهيات لأخمدت الدعوة في مهدها لمعارضة الجماعة لها. فألوهية الأشخاص لا تسري في الجماعة الواعية. وقد تستعمل الخرافة والخزعبلات ووسائل السحر المختلفة لإيهام العامة بألوهية الأشخاص كما هو معروف من وظيفة السحر في الديانات البدائية.

65

فإذا وعت الجماعة اكتشفت كذب الإمام ولكن ألهت غيره، وذلك لاستمرار وظيفة التأليه في شعور الجماعة.

66

فإذا ما وعت الجماعة فإنها قد تتبرأ من الإمام. فبالرغم من تسلسل الأئمة من نفس المصدر وارتباطهم بنفس الروح وتعبيرهم عن نفس الحقيقة قد تظهر العداوة بينهم، فيكفر بعضهم بعضا على لسانهم أو على لسان جماعتهم مما يدل على أن ظروفا اجتماعية أخرى أقوى كانت مدعاة للتفرقة بينهم استطاعت أن تحتوي الظروف الاجتماعية الأولى التي كانت سببا في نشأة التأليه.

67 (3-2) الحلول في الصوفية

وقد يكون الحلول جماليا خالصا كما هو الحال في حلول الصوفية. وهنا يظهر ارتباط الألوهية بالجمال كما هو معروف في علم الجمال الديني وفي الحركات الرومانسية وفي الشعر الصوفي. جمال الطبيعة تجربة دينية، «فالله» جميل يحب الجمال، كما عبر عن ذلك الصوفية أصدق تعبير. ولا يمكن الرد على ذلك بعدم جواز حلول الجوهر في الأعراض، فالتجربة الصوفية الجمالية ليست تجربة عقلية منطقية.

68

Página desconocida