De la creencia a la revolución (4): La Profecía - El Más Allá
من العقيدة إلى الثورة (٤): النبوة – المعاد
Géneros
في دليل العقل يتوحد علم أصول الدين وعلم أصول الفقه؛ الأول في نظرية الحسن والقبح العقليين، والثاني في دليل القياس. يتوحد العلمان في العقل ويجد علم الأصول وحدته في العقل. ومع ذلك تظل القسمة عند القدماء قائمة بين الأحكام العقلية والأحكام الشرعية. فإن كانت العقول تدل على صحة الصحيح واستحالة المحال في التوحيد والعدل والوعد والوعيد، فإنه لا وجوب قبل الشرع، وإذا استدل العاقل على ذلك قبل ورود الشرع لما استحق الثواب، ولو كفر ما استحق العقاب، ولو أنعم الله عليه بعد ذلك بالشرع كان لطفا ونعمة وفضلا، وإن عذب الكافر كان عدلا. فإذا أمكن معرفة الله بالعقل فإن وجوبها بالشرع. وأفعال العقلاء كلها قبل الشرع على الإباحة، لا تحليل فيها ولا تحريم. ليس في الأحكام العقلية ناسخ ومنسوخ كما هو الحال في الأحكام الشرعية. وإذا كانت الأحكام العقلية قد تكون بعينها مثل كون العرض سوادا، وقد تكون بغيرها كما يدل الشيء في العقل بنفسه على غيره، مثل دلالة الفعل على الفاعل، فإن الأحكام الشرعية إما أن تكون اسما أو دليل اسم أو معنى مودعا في الاسم، فالأحكام الشرعية في الوجود والحظر والإباحة تعرف من الخبر، والخبر على لسان الرسول، وأحكام المعاد بالخبر وإن دل العقل على الجور؛ لذلك كان تحليل الخطاب هو منطق الخبر من أجل إحكام لغته، من حيث العموم والخصوص، أو التشابه والإحكام، أو الإجمال والتبيين.
45
والحقيقة أن هذه الثنائية بين حكم العقل وحكم الشرع، تنتفي بمجرد التوحيد بين العقل والنقل، وتأسيس النقل على العقل. يعطي العقل الحكم الكيفي ويفصل النقل الحكم الكمي. يحدد الحكم العقلي الغاية والهدف بينما يحدد الحكم الكمي الوسيلة والطريقة. يكشف الأول العلة الغائية بينما يحدد الثاني العلة المادية. ولما كان العقل والشرع لا بد لهما من خطاب كان الطريق لمعرفة الأحكام هو تحليل الخطاب. (ب) تحليل الخطاب
بعد إثبات الصحة التاريخية للنص تأتي مرحلة فهمه وتفسيره وتأويله إن اقتضى الأمر، ويأتي تحليل الخطاب باعتباره نظرية في التفسير؛ أي في فهم النص. وإذا كان كل خطاب يحتوي على ثلاثة عناصر؛ اللفظ والمعنى والشيء، تضمن تحليل الخطاب هذه العناصر الثلاثة؛ اللفظ المستعمل، والمعنى المستفاد منه، والشيء المشار إليه بهذا اللفظ وله هذا المعنى.
ولكن قبل الشروع في تحليل عناصر الخطاب على نحو علمي صرف، يتأكد أولا أن الخطاب ليس مجرد قول أو كلام، بل هو تكليف وأمر، فهو خطاب موجه نحو الإنسان، نداء إلى الفعل، وتوجيه للسلوك، فهو ليس مجرد لغة بل أمر، ليس مجرد معرفة نظرية بل توجه عملي. والتكليف من الكلفة، أي من المشقة والعمل والجهد،
46
بل إن تحليل الخطاب هو في الواقع تابع للتكليف والأمر وجزء منه؛ فالوحي أولا تكليف وأمر، ثم يأتي بعد ذلك تحليل الخطاب كأحد عناصره. ويتحدد أولا معنى التكليف وأقسامه وشروطه وترتيبه وأوصافه، المكلف والمكلف، وما يصح وروده فيه قبل تحليل أقسام الخطاب في الأمر والنهي والاستخبار، ثم تأتي بعد ذلك مباحث الألفاظ على ما هو معروف في علم أصول الفقه، ولكن على نحو مختصر مثل العموم والخصوص،
47
والمجمل والمفسر، ثم تأتي مباحث المعاني مثل دليل الخطاب أو مفهوم الخطاب؛ من أجل فهم المعنى مباشرة دون المرور بتحليل الألفاظ، كما يمكن فهم الدلالة ليس فقط من اللفظ، بل أيضا من الفعل؛ فعل النبي. فما دام الخطاب تكليفا وأمرا فإنه إذا ما تحقق هذا الأمر في فعل، فإن هذا الفعل يكون خطابا متحققا له نفس الدلالة اللفظية في الخطاب. وقد يدخل موضوع النسخ مقرونا بالخبر، وهو أحد أقسام الخطاب، كأحد وسائل التراجيح حين تعارض الخبرين، ولكنه في الحقيقة أدخل في تطور النبوة.
48
Página desconocida