De la creencia a la revolución (4): La Profecía - El Más Allá
من العقيدة إلى الثورة (٤): النبوة – المعاد
Géneros
7
وقد يخف هذا الموقف المبدئي الإيماني شيئا فشيئا، بالتخلي تدريجيا عن إثبات العصمة حتى نفيها، ابتداء من التفرقة بين ما قبل البعثة وما بعدها. فإن جاز بعض الخطأ قبل البعثة فلا يجوز بعدها؛ فقبل البعثة لم يكن الرسول مكلفا، ولا متعبدا بشريعة، ولا مخاطبا برسالة؛ وبالتالي انتفى موضوع الصواب والخطأ؛ ولكن في نفس الوقت ينفي ذلك وجود الدين الطبيعي وشريعة العقل؛ دين الفطرة، بل ينفي وجود كرامات قبل البعثة، فلا تجوز المعصية والكرامة في نفس الوقت، كما ينفي حجة مكارم الأخلاق التي عرفت عن الرسول قبل البعثة، والتي تستعمل أحيانا كأحد مبررات اختيار الرسول كرسول، كما يناقض بعض عموم الآيات، مثل:
وإنك لعلى خلق عظيم
دون تخصيص لما بعد البعثة أو قبلها.
8
وقد تجوز السهوة والغفلة؛ أي الأخطاء لا عن قصد وعن غير عمد، في حين لا تجوز الأخطاء المقصودة المتعمدة؛ فلا يرتكب النبي خطأ وهو عالم به أو عن عمد، بل يفعله عن سهو وخطأ وسوء تقدير. وهذا يتفق مع المسئولية عن الفعل بوجه عام، ليس عند الرسول فحسب، بل عند باقي المكلفين؛ فشرط الفعل هو القصد، والأفعال غير المقصودة ليست أفعالا تكليفية، وقد يقع الخطأ عن تأويل واجتهاد، وليس عن قصد وعمد.
9
والاجتهاد أصل من أصول التشريع، وللمخطي أجر وللمصيب أجران. وقد تجوز عليهم الصغائر دون الكبائر؛ إذ لا يجوز عليهم الكفر والفسق، وهو ما ينتج عن ارتكاب الكبائر.
10
ولكن ماذا يحدث عند الذي لا يفرق بين الصغيرة والكبيرة؟ وكيف تجوز الصغائر وفي نفس الوقت يكون النبي قدوة، وأفعاله سنة، وقد بعث ليتمم مكارم الأخلاق؟ وإن جازت الكبائر مع الصغائر فلا يجوز الكذب في التبليغ؛ لأنه خيانة وكتمان، وهي صفة تمس الرسالة، لا يمكن تجاوزها وإن أمكن التجاوز عن الأخطاء التي تمس الشخص.
Página desconocida