De la creencia a la revolución (4): La Profecía - El Más Allá
من العقيدة إلى الثورة (٤): النبوة – المعاد
Géneros
أما المحرمات والمباحات فليس المقصود منها تكبيل الطبيعة بالأغلال، بل العودة إلى البراءة الأصلية في المباحات، والتعبير عن مقتضيات الطبيعة في الواجبات.
87
وإن أحكام الأحياء في النهاية من مأكل ومسكن وملبس لأولى من أحكام الأموات من غسل وكفن ودفن.
88
الفصل العاشر: مستقبل الإنسانية (المعاد)
أولا: وضع المشكلة
مستقبل الإنسانية هو الشق الثاني من التاريخ العام بعد الشق الأول؛ النبوة. وإذا كانت النبوة تعني ماضي الإنسانية، فإن المعاد يشير إلى مستقبل الإنسانية. والماضي والمستقبل، البداية والنهاية، كلاهما جانبان للتاريخ العام؛ إذا كان ماضي الإنسانية يمثل حركة الذهاب، فإن مستقبل الإنسانية يمثل حركة الإياب؛ وإذا كانت النبوة تمثل فعل الله في التاريخ من خلال الأنبياء، فإن المعاد يمثل فعل الله في التاريخ من خلال الشهداء؛ وإذا كان ماضي الإنسانية يتحدد في الزمان، فإن مستقبلها يكون أقرب إلى أن يتحدد في الخلود. الدنيا بداية الآخرة، والآخرة نهاية الدنيا، والانتقال من أحدهما إلى الآخر هو الانتقال من الحياة الدنيوية إلى الحياة الأخروية، وما الموت إلا لحظة الانتقال من الحياة الأولى إلى الحياة الثانية. (1) هل هو أصل مستقل؟
مستقبل الإنسانية أو المعاد موضوع يتلو طبيعيا موضوع النبوة؛ فالنبوة تتعلق بماضي الإنسانية وتاريخ وعيها تطورا واكتمالا، في حين يتعلق المعاد بمستقبل الإنسانية ونتائج أفعالها المستقلة؛ الحرة العاقلة. كلاهما تاريخ عام؛ الأول تاريخ الماضي والثاني تاريخ المستقبل. الأول تاريخ تحقق في حين أن الثاني تاريخ لم يتحقق بعد، ولكنه في سبيل التحقق. فالمعاد نهاية النبوة ومستقبلها، والنبوة بداية المعاد وماضيه. موضوع مستقبل الإنسانية أو نهاية العالم، أي المعاد، يأتي بطبيعة الحال بعد تطور الوحي وتاريخ الإنسانية الماضي كدرس ثان فيها؛ الأول بفعل الأنبياء والثاني بفعل الشهداء، وكأن النبوة لها معنيان: الأول تحققها كنظر، والثاني تحققها كعمل. التحقق الأول في الماضي قام به الأنبياء، والثاني في المستقبل يقوم به الشهداء. التاريخ إذن متصل من الماضي إلى المستقبل، متحقق بالفعل وممكن التحقق من جديد. وفي هذه الحالة لا يكون مستقبل الإنسانية أو المعاد موضوعا مستقلا عن ماضي الإنسانية أي النبوة، فتدخل أمور المعاد على أنها جزء من النبوة، فكلاهما من السمعيات.
1
وقد يكون الموضوع مع موضوع آخر، وهو النظر والعمل؛ أي مع الأسماء والأحكام نظرا لارتباطهما معها، فأفعال الاستحقاق هي أفعال الإيمان والعمل، أفعال الإقرار والتصديق، وأمور المعاد ما هي إلا نتيجة لها. وفي هذه الحالة يكون مستقبل الإنسانية مشروطا بحاضرها، ويكون التاريخ العام تحققا للتاريخ المتعين ابتداء من أفعال الاستحقاق للفرد. ولما كانت أفعال الفرد هي أفعال الاستحقاق؛ أي الأفعال الحرة العاقلة، ارتبط الموضوع أيضا بأفعال الشعور الداخلية مثل الإيمان والكفر، والتوفيق والهداية والخذلان والضلال.
Página desconocida