De la doctrina a la revolución: fe y acción - La imamía
من العقيدة إلى الثورة (٥): الإيمان والعمل - الإمامة
Géneros
وليس المهم في الفعل القليل ذرا للرماد في العيون، بل الكثرة وعموم البلوى؛ لذلك هناك حد أدنى للسرقة دون حد أعلى، فليست السرقة درهما أو درهمين، بل مليون ومليونان، ومليار وملياران. ليست السرقة من الضعيف الذي يطبق عليه الحد، بل من الشريف الذي يطبق الحد على غيره ويتركه على نفسه.
3
ليس المهم هو طهارة النفس في القليل وجشعها في الكثير، أو طهارة النفس أمام الآخر في العلن وطمعها أمام الذات في السر.
4 (1) هل مرتكب الكبيرة مؤمن أو كافر أو فاسق منافق؟
والحقيقة أن هناك ثلاثة احتمالات؛ إما أن يكون مرتكب الكبيرة مؤمنا لا يؤثر نقص العمل على النظر في إيمانه شيئا، أو كافرا ما دام عمله خرج عن إيمانه، أو فاسقا ومنافقا؛ أي مؤمنا على مستوى النظر وكافرا على مستوى العمل؛ وبالتالي فهو ليس مؤمنا ولا كافرا، أو هو مؤمن وكافر؛ وبالتالي تتراوح الحلول الثلاثة بين طرفين ووسط، بين نقيضين ومحاولة للجمع بينهما. والتوسط بين الطرفين ليس بدافع التوفيق، ولكنه موقف نظري أصيل نظرا للنقص النظري في الموقفين الأولين. إن الموقف الثالث ليس خروجا على إجماع الأمة؛ فلم تكن الأمة مجمعة على رأي واحد بدليل وجود رأين متعارضين. كانت الأمة منقسمة على نفسها؛ وبالتالي يكون الرأي الثالث أقرب إلى توحيد الأمة منه إلى موقف الوسط بدافع من التلفيق النظري . إن رفض الرأي الثالث هو رغبة في استمرار الشقاق في الأمة وتقاتل الفريقين فيها؛ وبالتالي فهو رفض سياسي، إما من موقف مجتمع الغلبة والقهر الذي يريد إخراج العمل من الإيمان حتى لا تحاكم السلطة على أفعالها، أو من مجتمع الاضطهاد الذي يريد إدخال العمل في الإيمان من أجل محاكمة السلطة على أفعالها. فإذا كان الرأي الأول يهدف إلى حصار المعارضة، وجعل أفعالها سياسية صرفة لا شأن لها بالإيمان، فإن رأي المعارضة يهدف إلى إحياء إيمان الناس، واستنفار أفعالهم كتعبير وحيد عن الإيمان، حتى تعبئ الأمة ضد السلطة الجائرة. الرأي الثالث إذن ليس مجرد حدث تاريخي أو واقعة سجال، بل لها مدلولها النظري والعملي بعيدا عن التوفيق الخارجي والسطحية المتميعة التي تهدف إلى إبقاء الوضع القائم أكثر مما تهدف إلى تغييره.
5 (1-1) هل مرتكب الكبيرة مؤمن؟
إذا أمكن فصل العمل عن الإيمان يكون مرتكب الكبيرة مؤمنا؛ فالكبيرة لا تخرج الإنسان عن الإيمان ولا تدخله في الكفر. هو مؤمن بمعرفته وتصديقه وإن كان فاسقا بعمله. ويصل الأمر إلى حد أنه لا فرق بين المؤمن بقلبه والمؤمن بعمله. الفسق إذن أو العصيان هو انفصال العمل عن النظر، والقيام بفعل معارض للأساس النظري، إما لضعف الوجدان أو لعدم تحول الفكر إلى تجربة معيشة، وإما لأن الواقع كان أطغى وأقوى من الموقف الشعوري، فاق الشعور ببواعث منه قائمة على الهوى أو المصلحة. ويمكن إدخال الزمن والفعل لجعله مؤمنا وفاسقا، مؤمنا قبل الفعل وفاسقا بعد الفعل، مؤمنا نظرا وفاسقا عملا، وكأن الفعل له مراحل، قبل التحقيق وبعد التحقيق، ويتغير الحكم طبقا للمرحلة؛
6
فالعمل يرجأ على الإيمان، قد يتحقق منه وقد لا يتحقق، وكأن الإيمان موجود بذاته لا يحتاج في وجوده إلى غيره. لا يأتي الإرجاء من الرجاء لأنه لا تضر مع الإيمان معصية، ولا تنفع مع الكفر طاعة؛ لأن هذا يأس للمؤمن وللكافر معا، وإيهام للمؤمن بأنه كذلك دون عمل، وإيهام للكافر أنه كذلك حتى ولو كان له عمل. قد يعني الإرجاء تأجيل الحكم على الإنسان مؤمنا أو كافرا إلى يوم القيامة، وفي هذه الحالة يكون الإرجاء عكس الوعيدية وعلى النقيض منه، ولكنه يكون إحالة لموضوع النظر والعمل إلى موضوع المعاد؛ وبالتالي إلغاء لمشكلة الفعل؛ أي ارتباط النظر بالعمل. إن تأجيل الحكم إلى يوم القيامة يعني عدم التفتيش في ضمائر الناس، ولكن لا يعني إثبات الفصل بين النظر والعمل، بين الإيمان والأعمال. إن الإرجاء تعطيل للوعيد وخرق لقانون الاستحقاق.
7
Página desconocida