De la doctrina a la revolución: fe y acción - La imamía
من العقيدة إلى الثورة (٥): الإيمان والعمل - الإمامة
Géneros
إن الاستدلال فرض كفاية وليس فرض عين، وقد آمن الكثير بالاستدلال، وقد كفر الكثير أيضا بالاستدلال؛ فللمخطئ أجر، وللمصيب أجران. ومع ذلك هناك مقاييس للصدق النظري صورية أو مادية يمكن من خلالها معرفة الخطأ من الصواب. إن الاستدلال لا يحدث إلا في شئون النظر، أما في الأمور العملية فلا حاجة إلى استدلال. هناك العادة وبداهة السلوك وحكمة الشعوب. وبالرغم من وجود مواقف تتكافأ فيها الأدلة إلا أن الترجيح يظل قائما حتى ولو في صورة رهان، أو قياس شرف، أو قياس أولي. على أية حال التصديق بالاستدلال هو ما ينبغي أن يكون، ما يحرص عليه الخاصة، في حين ما هو كائن هو التصديق بلا استدلال، وهو إيمان العوام. ولا يهم قدر الاستدلال؛ كلما كان أقوى وأيقن زاد التصديق يقينا، وكلما كان أضعف وأهوى قل التصديق يقينا. ويتنوع الاستدلال طبقا لكل يقين. تبقى الغاية منه هو يقين التصديق.
7
والحقيقة أنه لا يمكن الاستغناء عن الأدلة كطريق للنظر، وعن الدليل كوسيلة للعلم؛
8
فالتقليد ليس مصدرا للعلم، ولا يمكن الترجيح بين أحد أمرين إلا بالدليل، ولا يتميز الصواب من الخطأ إلا بدليل، وإلا كان الأمر مجرد دعوى لا دليل عليها. وإذا كان العلم هو اعتقاد الشيء على ما هو عليه، فإن ذلك لا يكون إلا بدليل حتى يكون علما دون جهل أو اعتقاد أو شك أو ظن على ما هو معروف في مضادات العلم.
9
ولا تكفي الحواس كدليل، ولا غناء عن دليل العقل، خاصة في الأمور النظرية مثل العقائد، بل إن العقل هو الوسيلة للدفاع عن النفس يوم الحساب منذ مساءلة القبر حتى توقيع الجزاء.
10
والدعوة إلى الاستدلال والنظر سارية في كل الوحي، من البداية إلى النهاية، كوسيلة لإيجاب العلم؛ فإن لم يكن الإيمان بديلا عن الاستدلال لغياب الدليل عليه، وإن لم تكن المعجزة بديلا عن الاستدلال لأنها مجرد إثارة الدهشة، بل وتعد الدليل الطبيعي وسلب الإنسان عقله وإرادته، وإن لم يكن الإلهام بديلا عن الدليل لأنه دعوى بلا برهان، وإن لم يكن التقليد أو الجهل أو الشك أو الظن مصدرا للعلم اليقيني، استحال وجود تصديق بالإيمان دون دليل. وإذا كان علم أصول الفقه هو أساسا بحث عن الدليل لاستقصاء العلة، فإن علم أصول الدين صنوه، ويكون الشق الثاني من علم الأصول. ولا يمكن في شق واحد نفي الدليل وفي الشق الثاني إثباته. ومن مناهج الاستدلال أن ما لا دليل عليه يجب نفيه؛ وبالتالي إذا كان التصديق دون دليل فإنه يجب نفيه. وإذا كان التصديق مجرد إذعان وخضوع وتسليم فإنه ينتقل من علم أصول الدين إلى علوم التصوف، وهو ما حدث بالفعل عندما ازدوج التصوف مع الأشعرية، وضاع البرهان، وساد الخضوع والتسليم. طالما أن الإنسان عاقل فلا يوجد تصديق بلا استدلال.
11
Página desconocida