De la doctrina a la revolución: fe y acción - La imamía
من العقيدة إلى الثورة (٥): الإيمان والعمل - الإمامة
Géneros
وإن تسمية الفرق بأسماء مؤسسيها لأولى وسائل الإبعاد والمحاصرة، وكأن الفرقة تدعو لأفكار مؤسسها وليست نسقا عقائديا مكتملا يبني موضوعات عقائدية وأصولا عقلية، بل توضع مع المشبهة، وفرق بين التنزيه والتشبيه؛ أو مع الجبرية، وفرق بين الجبر وخلق الأفعال.
63
ولا تذكر من فرق الأمة إلا فرق المعارضة دون فرق التأييد مثل الصوفية، مع أن عقائدهم مخالفة تماما لعقائد فرق السلطان؛ مما يدل على أن مقياس التكفير ليس العقائد، بل طاعة السلطان. فالصوفية ليسوا من قوى المعارضة، بل نزعة هروبية من العالم في البداية، وتنتهي بالاستسلام والرضوخ والإذعان. تؤيدها الدولة نظرا للمصالح المشتركة بينهما في إبعاد الناس عن العقل، والوقوع في أسر الشعوذة والسحر. وقد قامت عقائد الفرقة الناجية وازدوجت بعقائد الصوفية ما دامت الغاية واحدة. كما تم استثناء الفلاسفة عن التكفير، وعقائدهم شبيهة بعقائد المعارضة السرية من الداخل، ويعتمدون على التأويل مثلهما. ولا تقسم الفرق حسب العقائد، بل حسب التطرف والاعتدال، الإسراف والاقتصاد، المغالاة والتوسط، وكأن الهدف هو القضاء على التطرف والإسراف والمغالاة حتى يبقى النظام قائما على الحلول الوسط بعد استبعاد وحصار كل الحلول الجذرية. فكل الفرق تقوم على التأويل، والتأويل مشروع بناء على حق الاجتهاد؛ فدماء المسلمين وأموالهم محرمة فيما بينهم بواقع الشهادتين، وإن ترك ألف كافر في الحياة خير من الخطأ في سفك دم مسلم واحد. التكفير إذن ليس من أجل العقائد، بل من أجل المواقف السياسية، وهذه تتحدد بالتطرف أو التوسط تجاه السلطان.
64
ففي المقدمات النظرية الأولى في نظرية العلم، ما العيب في القول بأن المعارف ضرورية؟ أليست المعارف الضرورية هي المعارف الفطرية المغروزة في النفس، والتي تدل على أن الطبيعة البشرية عاقلة؟ أليست المعرفة الضرورية شرطا للمعرفة الاستدلالية، وكلاهما شرط التكليف؟ إن رفض المعارف الضرورية من فرقة السلطان، والتركيز على المعارف المكتسبة، إنما يهدف إلى زعزعة ثقة الإنسان بعقله، وإيمانه بالمعارف الآتية من الخارج، والتي تأتي من نظام الدولة، وليست من داخل الفرد. وإن الصراع بين المعارف الداخلية والمعارف الخارجية هو صراع سياسي بين الحرية الطبيعية والقهر الاجتماعي، بين المساواة الطبيعية واللامساواة الاجتماعية. أما التدقيق في شروط التواتر وتصعيبها، فإن ذلك رد فعل على التساهل فيه، ومن أجل التخفيف من سلطة النقل؛ فتحديد العدد بخمسة، وأن يكون من بينهم ولي، إنما هو إمعان في الدقة، وتركيز على شرط الأمانة الداخلية والورع في النقل، بعد أن خضع النقل أحيانا للهوى والتحزب والمصلحة.
65
ولكن الغالب في التكفير هو نظرية الوجود؛ لأنها تتعلق بالعالم والسيطرة عليه؛ فالوجود في ظاهره طبيعيات، ولكن في حقيقته إلهيات مقلوبة على الطبيعة؛ وبالتالي أمكن التكفير فيها لأنها ليست مسائل طبيعية خالصة لا تمس العقائد. فإذا تكونت نظرية الوجود من الأمور العامة (الميتافيزيقا) ومبحث الأعراض (الظاهريات) ومبحث الجواهر (الأنطولوجيا)، فقد كان الغالب هو مبحث الأعراض والجواهر أكثر من ميتافيزيقا الوجود الخالصة التي هي مبادئ صورية عامة يحكمها العاقل، مثل الوجود والماهية والعدم والوحدة والكثرة والعلة والمعلول والوجوب والإمكان والاستحالة، باستثناء إثبات المعدومات أشياء على الحقيقة لا نهاية لها، وذلك تعبير عن قوة الإحساس بالظلم من أجل إثبات الشر، وليس مجرد تبخيره بتفاؤل المتنصر الذي بيده الأمر.
66
وفي مبحث الأعراض غلب مبحث الكيف على أنه تحليل للحواس، وخاصة الرؤية. والقول بأن الحواس أكثر من خمس، سبع مثلا، من أجل التركيز على أهمية المعارف الحسية وتنوعها.
67
Página desconocida