De la Creencia a la Revolución (3): La Justicia
من العقيدة إلى الثورة (٣): العدل
Géneros
وفي حالة اليأس تلغى المتاهة العقلية بالتوقف المطلق.
40
وقد يأتي الحل الأخير بكل قوة وشجاعة لا خلاف في ذلك بين الأشعري ذاته وبعض المعتزلة والإعلان صراحة على أن الله لا يقدر على فعل الظلم. إذ لا يجوز أن يوصف الله بالقدرة على الكذب أو الحركة أو الجهل، إما لصفة في القديم أو لصفة ترجع إلى المقدرة أو لبعض الأدلة لاستحالة كون المقدور مقدرا أو لأن ذلك ينقص أصلا من أصول التوحيد والعدل.
41
وقد يكون الدافع لذلك الإيمان وشناعة القول بأن الله يقدر على الظلم والتضحية بالقدرة وبأن الله قادر على كل شيء حتى يصل الأمر إلى افتراض الجبر في الله وتحديد قدرته، وبالتالي ينقلب الجبر في أفعال الإنسان إلى جبر في أفعال الله. وقد يكون الدافع هو التصور الجبري للعالم؛ نظرا لنظام الكون الثابت على ما هو معروف في علوم الحكمة. وقد يكون الدافع هو إثبات الصفات الذاتية للأشياء وبالتالي يفرض الموضوع نفسه على الإرادة. وبالتالي تكون استحالة القدرة على الظلم دفاعا عن الإنسان عملا بصرف النظر عن الحق النظري الواجب للذات المشخص. ويكون الرد على السؤال بالنفي إثباتا للتنزيه وللصفات المطلقة وعلى رأسها العدل الإلهي كما أنه يحفظ المبادئ الإنسانية العامة وعلى رأسها العدالة دون أن يكون في ذلك إلحاد فلسفي أو كفر مجوسي.
42
ومن ثم يفلت المتكلم أحيانا من قبضة الإرادة المطلقة ويقضي على اغترابه ويعود إلى العالم ويصبح متكلما باسم الإنسان مدافعا عن عقله وحريته.
سابعا: الصلاح والأصلح، الغائية والعلية
فإذا ما صعب تنزيه الله عن فعل القبائح عن طريق الذات والصفات، فإن كون الإنسان خالقا لأفعاله لا يمنع من أن يكون الله خالقا لكل شيء، كما أن نفي قدرة الله على الظلم بالرغم من جرأة التعبير لا يمنع من أن يكون الله قادرا على كل شيء؛ فلم يبق إلا محاولة ذلك من جديد خارج الذات والصفات في الأفعال. فأفعال الله تتم طبقا لما فيه صلاح العباد. ولم يدخر الله وسعا في فعل الأصلح لهم. وكذلك طبقا للغائية والعلية فكل أفعال الله غائية تهدف إلى غاية وغرض وليس فيها عبث أو تناقض، ومن ثم فهي أفعال معللة بالعلل الغائية. وصلاح العباد وفعل ما هو أصلح غاية الأفعال الإلهية وعلتها كما هو واضح في الشريعة التي تقوم على جلب المصالح ودرء المفاسد. وهنا تتوقف الأفعال؛ فعل الصلاح والأصلح في مواجهة الذات والصفات، خلق الله لكل شيء وقدرته على كل شيء، ويقف العدل في مواجهة الظلم، ويقف صلاح العباد في مواجهة قدرة الذات، وكأن أصل العدل لا يجد إثباتا له إلا في مواجهة أصل التوحيد ومستقلا عنه.
1 (1) هل يمكن نفي الصلاح والأصلح؟
Página desconocida