De la Creencia a la Revolución (3): La Justicia

Hasan Hanafi d. 1443 AH
138

De la Creencia a la Revolución (3): La Justicia

من العقيدة إلى الثورة (٣): العدل

Géneros

20

وفي أصل الوحي الهداية مشروطة بالإدراك وبالإيمان وبالعمل الصالح وبالاعتصام وبالاتباع وبالجهاد، وهي اختيار إنساني خالص وفعل حر للإنسان، كما أنها فعل للرسول وللأئمة وللأمة، وقد يكون الطريق إليها تأمل الإنسان في آيات الطبيعة أو قراءته لآيات الوحي، فكلاهما يؤديان إلى الهدى.

21

أما الضلال فإنه لا يعني بالضرورة فعل الله، بل هو فعل حر للإنسان واختيار مشروط بالإدراك والنقل، وقد يأتي الضلال من التبعية والتسلط ويكون سببا للعقاب والاستحقاق؛ لأنه نتيجة لفعل الإنسان، ولا يكون إلا فعل شر؛ ومن ثم لا يكون فعلا إلهيا، بل هو إنساني اجتماعي سياسي يظهر في وضع إنساني خالص.

22

ولا يتعدى الفعل الإلهي كونه العلم البعدي بالفعل الإنساني، ومجرد البيان بالوحي، فالله لا يفعل الضلال ولا الرسول، بل هو أساس الاستحقاق بعدما تتكشف الحقائق.

23 (1-4) العون والتيسير

وهما لفظان متجانسان إيجابيان، مثل التوفيق والسداد، ويقرن بهما لفظا الحول والقوة، ولا تعني هذه الألفاظ أيضا تدخل إرادة خارجية مشخصة في أفعال الوعي الفردي لتعينه وتيسر له. العون أو التيسير هو مجرد إحساس النفس بقوتها وقدرتها قبل الفعل، ولتحقيق الأفعال العادية وليس الخارقة للعادة. وهل يحتاج الإنسان إلى إرادة خارجية مشخصة أو غير مشخصة للإتيان بالأفعال العادية، القيام أو القعود، الحركة أو السكون؟ وهل أصبح الإنسان مجرد آلة صماء تحركها إرادة خارجية ؟ قد تكون هذه القوة بدنية خالصة تتغلب على الوهن البدني، وقد تكون نفسية تتغلب على الضعف النفسي، ولكنها في كلتا الحالتين قوة في الإنسان.

24

وهل يلزم العون لدرجة أن يفقد الإنسان حريته كلية فلا يستطيع الإتيان بفعل إلا بوجود هذا العون الخارجي، في حين أن الإتيان بالفعل أو تغييره بفعل آخر سواء كان من أفعال الشعور أو من أفعال البدن إنما يحدث بتغير الفكر أو الباعث أو الغاية؟ ليس العون تدخلا من إرادة خارجية، بل هو فعل الإرادة الإنسانية وحدوث أفعال غير متوقعة نتيجة لشد الباعث وقوة الدافع وصدق الطوية. والاستعانة تجربة بشرية. فعندما يطلب الإنسان العون لا يعني ذلك فقط وجود إرادة خارجية محتملة قد تعطيه العون كما هو الحال في الكسب، بل يعني أن لديه إرادته الخاصة، وأنه يطلب مزيدا من القوة لها بالاستعانة، لا يأتي العون هنا بالضرورة من مصدر خارجي، بل قد يأتي من الإرادات الإنسانية الأخرى، ويكون الفعل حينئذ فعلا جماعيا، وقد يأتي من شدة الباعث أو من تغير الموقف إلى موقف أفضل أو من ارتفاع بعض الموانع أو كلها.

Página desconocida