بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ الإمام العالم الأوحد الورع الزاهد الثبت الناقد الثقة الحافظ، محيي السنة، وقامع البدعة تقي الدين أبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور المقدسي، رحمه الله.
الحمد لله المحمود على كل حال، الدائم بلا زوال، الموصوف بصفاته القديمة من غير مثال، المنزه عن الكيف في العقل والمقال. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الكبير المتعال، شهادة صادق في المقال، يرجو بها خير العاجل والمآل، وصلى الله على سيد المرسلين، وخاتم النبيين، محمد وآله خير آل، صلاة دائمة من غير انقطاع ولا انفصال.
أما بعد؛ فإن الله عز وجل أكرم قوما بطاعته، ثم امتحنهم ببليته، ليعظم لهم الحظ الجزيل من كرامته، ويبلغهم بذلك أسنى المراتب من نعمته.
وكان من أعظمهم في ذلك عطية، وأشدهم في دين الله بلية، أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني رضي الله عنه، فإن الله عز وجل ابتلاه ثم صبره، وأقامه لنصرة دينه ويسره، وأعلى ذكره بذلك ونشره، وأجزل له من الثواب وبشره، فسبحان الله الذي أنعم عليه، وقربه لديه، وساق ذلك الفضل العظيم إليه. وقد ذكرنا من ذلك ما تيسر ورويناه، وأثبتناه ودوناه، طلبا للثواب ورجاء المنفعة به، نسأل الله عز وجل أن يجعله لوجهه خالصا، ولذنوبنا ممحصا، وأن ينفعنا به وسامعيه والناظرين فيه، إنه سميع قريب مجيب، حسبنا الله ونعم الوكيل.
Página 9