220

قال (النجري): وليس الخلاف إلا بالنظر إلى أصل اللغة ومقتضى وضعها، وأما بالنظر إلى الشرع فذكر جماعة من أصحابنا أنه ممتنع اتفاقا فلا يوصف بأنه خالق، أو بأنه يخلق، أو بأن فعله خلق إلا الله تعالى، ألا ترى إلى قوله تعالى: {أفمن يخلق كمن لا يخلق }[النحل:17]فنفى أن يكون غيره خالقا، وممن نص على وقوع الإجماع على ذلك الشيخ أبو محمد بن متويه.

قلت: وكلام الأئمة السابقين" محمول على هذا، فإنهم كما قدمناه عنهم لما نظروا إلى منع الأدلة الشرعية من إطلاق الخالق على غير الله تعالى قالوا: لا خالق إلا الله، ولما كانت تلك الأدلة متناولة لأفعال العباد نسبوها إلى الباري من حيث الإعانة والخذلان، ولما وجدنا كلماتهم صريحة في نسبة أفعال العباد إليهم على جهة الحقيقة، ورأيناهم مصرحين بنفي الجبر، ومتبرئين ممن يحمل ذنبه على الله تعالى حكمنا بأن نسبتهم أفعالنا إلى الباري تعالى من تلك الحيثية من المجاز العقلي، والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.

ولهم" كلمات في العلم والإرادة والمشيئة، وسنتكلم عليها في مواضعها إن شاء الله تعالى، وبهذا تم الكلام في الركن الأول من أركان الاستعاذة، والحمد لله.

استكمال تفسير بقية أركان الاستعاذة

وقد تقدم الكلام في تفسير ركنها الأول: (أعوذ) وفي هذه الصفحات يستكمل تفسير بقية أركانها.

Página 220