Micyar
المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوي أهل إفريقية والأندلس والمغرب
Géneros
قلت: هو مشترك الإلزام بين الطهارتين, ثم هذا الذي ذكرتم مبني على أن تقابل الطهارة والحدث من باب تقابل الضدين, وفيه نظر, لاحتمال أن يقال إنهما من العدم والملكة, وأن الملكة هو الحدث, والطهارة سلبه, وحينئذ لا نسلم صدق اتصاف الكافر بشيء من الطهارتين, فلا فرق بين الصغرى والكبرى.
لايقال: لا يصح جعل الطهارة عدما كما لا يصح اتصاف الكافر بها.
أما الأول فلقول شيخنا ابن عرفة في حدها صفة حكمية توجب لموصوفها الخ, والصفة الحكمية الموجبة ما ذكر لا تكون عدما. وأما الثاني فلأنه لو اتصف بها لصحت آثارها ولوازمها منه لقوله توجب كذا, فإن وجدت ولم توجب ما ذكر لزم كون الحد غير مانع, ولوجود اللازم عند وجود ملزومه.
لأنا نقول: لا نسلم لزوم من لا يجعلهما حكمين عقلييين وغير شيء من هذا المعنى. وأيضا إن لم تكن الطهارة المقابلة للحدث أو النجاسة عدما كان الحدث عدما, لكنه لا يصح ذلك فيهما, إلا أنه قال في حدهما أيضا: صفة حكمية, ولا تخلص إلا باعتقاد كون تقابلهما تقابل الضدين أو تقابل المتضايفين, وهو أقرب. وأما قولكم لو اتصف الكافر بالطهارة لصحت آثارها ولوازمها منه, فالملازمة ممنوعة, لأن صحة الآثار واللوازم موقوفة على شروط آخر غير الاتصاف بالطهارة, منها الإيمان. ثم هذا الكلام كله على سبيل ما يمكن أن يبحث فيه وإرخاء الرسن على طريق التسليم الجدلي, وهو شبه الخطابي, وإلا فالتحقيق أن الطهارة المقابلة للحدث صفة حكمية شرطها إيمان المتصف بها, فلا تتصور في الكافر بوجه. وأما تعريف شيخنا للطهارة فهو مع ما ورد عليه من اعتراضات لابد فيه من العناية, فقوله توجب أي
Página 48