Micyar
المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوي أهل إفريقية والأندلس والمغرب
Géneros
فأجاب جواب الشيخ صحيح لا ينبغي أن يتعقب كما درج عليه الأشياخ, ووجه ما رأى- رحمه الله- أن هذا المصلي لم تمكنه الطهارة المائية مع وجود الماء, وأمكنته الترابية فتتعين في حقه. أصله الذي يعلم عادته أنه يحصل له مرض عند مس الماء, والمريض الذي لا يقدر على مس الماء, أو غيرهما ممن تيمم مع وجود الماء لحصول حالة له يتنزل وجود الماء في حقه منزلة عدمه, كالحاضر الصحيح يخشى فوات الوقت على المشهور. وغيره وإن كان قياسه على الأول انسب بجامع أن هذا ضرر بين ينشأ عن مس الماء, إلا أن الأول ضرر بدني, وهذا ديني, إن لم يكن دينيا وبدنيا معا. وعلى كل تقدير فهو من قياس أحوري, لأنه إن كان محصلا للضررين فواضح, وغن لم يكن فيه إلا الديني فدفع ضرره مقدم على البدني لما علم من ترتيب الضروريات الخمس. ومعنى الضرر الديني صلاة بغير طهارة مع غمكان تحصيلها بالتراب. والتحقيق أن ما يحصل للمتوضيء في هذه المسألة إنما هو مرض, لأن تلك الحالة ليست حالة الأصحاء قطعا. وإذا انتفت الصحة فليس إلا المرض لأنهما من الضدين اللذين بينهما على ما أشار إليه البيضاوي في البحث الرابع من الفصل الخامس في الوحدة والكثرة من كتاب الطوالع. وصرح به في البحث الخامس من أبخاث النفسانية, ونص عليه غيره أيضا, وهو الصحيح من فهم كلام ابن سينا في الرجز حيث قال:
والناهقون هم صحاح ضعفت جسومهم مثل رسوم قد عفت
وأيضا فإن هذه الحالة دليل على استحكام شدة البرد لهذا السائل, بحيث إذا أحس بالبارد استطلقت قوته الماسكة من ريح أو بول أو غيره, كبعض الأمراض الحادثة على البرد القديم. فإذا تبين أن السائل يحصل له المرض بمس الماء, فأي حكم يكون في حقه غير التيمم؟.
لا يقال: هذا المنحني من النظر طبي, والفقه لا يراعي مثله في الفتيا, لأنه إنما تكلم على ما تقتضيه القواعد الفقهية لا غير, كجواب ابن رشد في
Página 33