Micyar
المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوي أهل إفريقية والأندلس والمغرب
Géneros
[ 230/1] فأجاب بسم الله الرحمن الرحيم. صلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما. وقفت على المقيد المبينة (كذا) هذا, والذي يظهر في جوابه والله الموفق المعين عليه, أن الواجب على أهل الربض لقلتهم إقامة الجمعة في جامع واحد. أما جامعهم القديم إن كفاهم فهو أولى, وإن كان المحدث أجمع لهم وأيسر عليهم فلهم الاكتفاء به وحده, ويحكم له الإمام بذلك على التأبيد, ويبطل حكم الجمعة من القديم حسبما ذكره الأيمة رضي الله عنهم. ولا يستقيم إقامتها في جامعين في مثل هذه القضية التي جمعت مع صغر الربض كله, وإفراط قرب أحد الجامعين من الآخر من غير قاطع ولا مانع, ولا يبيح ذلك وجود مثل الخندق الموصوف في هذا الربض ولا صيق بناء جامعهم عنهم مع قلتهم. فإما وسعوا بناؤه, كما أن عليهم إنشاء جامع إذا لك يكن معهم جامع أصلا, أو صلوا في أفنيته المتصلة به, أو انتقلوا إلى جامع كبير يسعهم. ولو كان مثل هذا مبيحا لتعديد الجوامع في الموضع الواحد لأقيمت في البلد الكبير الكثير الناس في جوامع كثيرة, ولاخفاء بامتناع ذلك. ولم أر فيما وقفت عليه في هذه المسألة ما يقتضي جواز إقامة جمعتين في مثل هذا الموضوع المسؤول عنه, بل الظاهر من كلام متقدمي أيمة المذهب ونقل متأخريهم وتلخيصهم لأقوال المتقدمين وتفصيلهم أن المصر الصغير لا يختلف في منع إقامة الجمعة فيه في جامعين. وإنما إقامة الجمعتين في جامعين مخصوص بالمصر الكبير الكثير الناس. قال الشيخ أبو الطاهر ابن بشير في تنبيهه على المدونة ما نصه: ولا تؤدي الجمعة في جامعين إلا أن يكون المصر كبيرا. وظاهر المذهب فيه على ثلاثة أقوال: أحدهما أنه كالمصر الصغير, الثاني إجازة الإمامة في جامعين, الثالث أنه إن كان ذا جانبين أو جوابن وبينهما نهر أو ما معناه مما يتكلف فيه المشقة إذا قطع جازت إقامتها في موضعين أو مواضع بحسب الحاجة, وإن لم يكن كذلك فليس إلا كونه كالصغير.
Página 293