146

Micyar

المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوي أهل إفريقية والأندلس والمغرب

Géneros

وبيان ذلك أن الإناء النجس منهي عن الوضوء به وهو غير معين في الأواني المشتبهة, فينزل النهي عنها منزلة النهي عن واحد لا بعينه, والواني الطاهرة مأمور بالوضوء بواحد منها وهو غير معين في تلك الأواني المشتبهة, فيتنزل الأمر منزلة الأمر بواحد لا بعينه. والقاعدة الأولى تقتضي اجتناب الأواني كلها. والثانية تقتضي الوضوء بواحد منها, واجتناب الجميع يتنزل منزلة السالبة الكلية, والوضوء بواحد منها يتنزل منزلة الموجبة الجزئية, وهما متناقضتان. فقول سحنون يتيمم ويتركها بناء على ترجيح القاعدة الأولى على الثانية, لأن قاعدة النهي من باب دفع المفاسد, والثانية وهي قاعدة الأمر من باب جلب المصالح, ودفع المفاسد مقدم. فبهذا الاعتبار صارت الأواني الطاهرة في حكم المعدوم, إذ المعدوم شرعا كالمعدوم حسا. فقد حصل فقد الماء الذي هو شرط في التيمم. وقول ابن الماجشون وابن مسلمة يحتمل أن يكون بناء على ترجيح القاعدة الثانية على الأواني لأنه رآه الاحتياط, كقول ابن وهب في الحائض إذا استظهرت: رأيت أن أحتاط لها فتصلي وليست عليها أحب إلى من أن تدع الصلاة وهي عليها, لأنه قد تعارض هنا كون الوضوء وهو عليه. وفي حصول الاحتياط في مثل هذا اشكال, لأنه ليس من باب تعارض واجب وحرام, إذ التقرب بالصلاة من الحائض والوضوء بالماء النجس كلاهما لا يجوز, فلئن حصل الاحتياط من حيث الاتيان بالواجب فقد أخل به من حيث الوقوع وهي كون الشيء الواحد واجبا وحراما من جهتين, كالصلاة في الدار المعصوبة, فإن الاناء من حيث كونه نجسا الوضوء به

[111/1] حرام, ومن حيث كونه طاهرا الوضوء به واجب. ومختار المحققين والجمهور من الأصوليين في هذه القاعدة صحة هذه العبادة خلافا لأكثر المتكلمين. وقول ابن مسلمة وابن الماجشون جار على مختار المحققين والله تعالى أعلم.

Página 146