118

Micyar

المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوي أهل إفريقية والأندلس والمغرب

Géneros

[ 91/1] المصحف وخرج له واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد, وما فعله بالمصحف حينئذ مشهور, ولحقته عقوية الله تعالى بعد ثلاث. سنة الله في تأخير الهلاك عمن حلت عليه العقوبة هذه المدة. وفي هذه الحكاية أدل دليل على حفظ الله تعالى له عن أن ينال بمثل هذا. وما ورد من النهي عن السفر بالمصحف إلى أرض العدو ولو في الجيش الكثير إلا من الأحذر أن تناله يد الكافر, وذلك مؤد إلى عدم تعظيم ما عظم الله من حرمته. على أنه لو قدر أن يناله الكافر والعياذ بالله من ذلك لما مكنه الله من إهانته, ولألقى في قلب العدو من المهابة والإجلال ما يعظمه له أجل إعظام. وقضية النصراني مع الموحدين في كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بعثه إلى هرقل, وما وجدوه عليه من الحفظ والإكرام تدل على هذا. وكذا ما نسمع من تعظيم كتب العلم فيما استولوا عليه من بلاد الاسلام, كقرطبة وغيرها جبرها الله على المسلمين ودمر الكافرين بمنه وفضله. ولقد ناظرت يوما يهوديا يزعم أن لديه شيئا من المعارف والعلوم, فانجر الكلام معه إلى أن سألني عن معنى الحوب في قوله تعالى إنه كان حوبا كبيرا. وما تريد إلى السؤال عن تفسير لغة الكتاب العزيز؟ فقال لي منكرا: كيف لا أسأل عن تفسير ألفاظ كتاب أعجزت فصاحته الأولين والآخرين بقدرته؟ إنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد, نفعنا الله به في الدنيا والآخرة وجعله لنا شفيعا يوم العرض عليه, ورزقنا اتباعه وغتباع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى أن نلقاه تعالى ونحن على ذلك لا مبدلين ولا مغيرين. فلو نسخ في النجس مع مرور الدهور, وتكرار الأعوام والشهور, لأتاه الباطل, وذلك باطل, وما أفضى إلى الباطل باطل. فالقول بنجاسة الورق الرومي باطل. والأصل عدم التقييد فيما ورد في الآية من لفظ الباطل.

Página 118