114

Micyar

المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوي أهل إفريقية والأندلس والمغرب

Géneros

الخامس: إن استعمال العلماء له من الأيمة المعتبرين علما وديانة في الأقطار الكثيرة والمدن الكبيرة شائعا ذائغا من غير نكير ولا متكلم في المسألة ببنت شفة لا في درس ولا في مذاكرة ولا في تأليف الزمن الطويل, مع أنهم قائمون بتغيير المنكر, والذين لا يصبرون على انتهاك حرمات الله خصوصا علماء المغرب بما خصهم الله به من الشدة في الدين, دليل على الجواز. فلو كان الورق الرومي لا يجوز النسخ فيه لا كان ما صدر عنهم من رؤية النسخ فيه والسكوت عنه مع القدرة على تغييره ولو بالموعظة كمثل ما لو رأوا مستجمرا بمكتوب فيه ما يجب تعظيمه وسكتوا عن تغييره. وحينئذ كان يجب بمقتضى العادة أن يعد ذلك من البدع المحدثة فينبه عليها المتعرضون للتأليف في البدع. وهذه الطريق وغن لم تكن من دلالة الشرع لكون الدليل إنما دل على عصمة كل المة من الخطأ, لا على عصمة بعضهم ولو الأكثر, لكن توالي هذا الجمع العظيم من العلماء العدول, لقول النبي صلى الله عليه وسلم : يحمل هذا العلم من خلف عدوله على معصية, لو كانت معصية على ما زعم هذا القائل, بعيد عادة, لنهم حينئذ يخرجون عن العدالة بارتكابهم هذه المعصية لا بالسكوت عن تغييرها خاصة, بل بمباشرتهم فعلها, لأن أكثر من يحتاج إلى النسخ في الورق المذكور العلماء, وشهادة الرسول صلى الله عليه وسلم فيهم تدل على خلاف هذا. وقد استعمل الباجي في الاستدلال ما يقرب من هذه الطريقة فقال في كتاب الأقضية من المنتقى مستدلا على منع تولي المراة القضاء بعد ان ذكر ما استدل به بعضهم: ويكفي في ذلك عندي عمل المسلمين من عهد النبي صلى الله عليه وسلم, لا يعلم انه قدم لذلك في عصر من العصار ولا بلد من البلدان امرأة, كما لم تقدم للإمامة امرأة انتهى. ووجه استدلالنا من هذا الدليل كونه استدل بعمل المسلمين.

Página 114