على ذلك، وتلك منزلة الأب والأم [و] ليس بتلك المنزلة علي بن أبي طالب وأبو بكر [لأنهما] استويا في الولادة في دار الشرك، وفي كفر الأب والأم، ثم اختلفا في الإسلام، فخلص له الفضل على أبي بكر، إذ اتفقت العلل والأسباب، واختلفا في الكفر والإيمان.
وفرق [آخر] أيضا فيما سألتم عني وعن أبي بكر وذلك لأن أبا بكر قد بان مني بأمور كثيرة لا أقاس أنا به، وأكون بهذه الخصلة مقدما عليه، فلو كنت له مساويا في الأمور كلها خلاف هذه الخصلة لكنت منه باينا.
وأمور علي كلها تؤكد تقدمه عليه وفضيلته في الخصلة التي ذكرناها.
فإن قال قائل: قد نجد لأبي بكر فضيلة في السبق ليست لعلي (1) بدلالة الآية:
[10/ من سورة الحديد] وهي قوله: «لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل، أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى» لأنه أسلم أبو بكر وهو ذو مال فأنفقه على النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين حتى قال: لقد نفعنا مال أبي بكر.
قلنا: إن الله لم يذكر إنفاق المال مفردا، وإنما قرن معها (2) فضيلة بان بها علي على أبي بكر وهو سبق علي إلى القتال فلما قرن الله الإنفاق مع القتال وكان لأبي بكر الإنفاق (3) دون القتال حصلت الفضيلة لعلي بن أبي طالب بالقتال.
Página 73