دون الله والبراءة ممن أشرك بالله وهذا لا يجتمع في اعتقاد طفل، بل قد يشتد اجتماع ذلك عند العقلاء البالغين إلا من آثر الحجة، ورغب في العاقبة، وخاف عذابا لا طاقة له به.
وإن قالوا: فكيف أوجبتم له حكم البلوغ وحكم النبي صلى الله عليه وسلم في البلوغ كان في خمس عشرة سنة، ولم تكن هذه سن علي بن أبي طالب؟ وذلك أن حكمه كان يوم الخندق في إجازته من أتت عليه خمس عشرة سنة (1).
قلنا لهم: إن آخر حد البلوغ هو [إكمال] خمسة عشر سنة، ولآخر حد البلوغ آخر وأوسط يعلمه الله ويعلمه النبي صلى الله عليه وسلم، وكان الحكم في خمس عشرة سنة جعله الله حكما وقف العباد عليه، لأن أقل الخلق عقلا وأنقصهم طبعا في القوة على المعرفة يتم بلوغه في خمس عشرة سنة.
وفي الناس تفاضل في سرعة البلوغ وكمال العقول فأول حد البلوغ هي منزلة علي ابن أبي طالب بعد النبي صلى الله عليه وسلم وهي ثلاث عشرة سنة، وآخر حد البلوغ هي منزلة عبد الله بن عمر وهو خمس عشرة سنة، وبين ذلك وقت البلوغ على قدره لتفاضل الناس في العقول وذلك معروف في التعارف والعادة وما عليه الصغار والكبار من التفاضل في الحفظ والعلم والفطن والبلوغ من الاحتلام والحيض وذلك أيضا معروف في صفة الصبيان في الكتاتيب والصناعات [فإنهم] مختلفون في حفظهم وقوتهم على التعليم، وقد يوظف المعلم على كل صبي ما يحتمله حفظه، وتضبطه معرفته.
ولله أحكام كثيرة هي مثال ما قلنا [ه] في البلوغ، في أن البلوغ حد له أول وآخر
Página 69