غيبه، وقد يجوز عليه التبديل والتغيير، والنبي صلى الله عليه وسلم قد يشهد على غيبه ويؤمن تبديله وتغييره، فهل يجوز لقائل أن يقول: لو جاز أن يولى إمام لا يشهد على غيبه لجاز أن يرسل رسولا يشهد على نفسه (1).
ولو أمكن أن يكون إمام لا يؤمن تبديله وتغييره، أمكن أن يرسل الله رسولا لا يؤمن تبديله وتغييره، فهذا عندهم قياس منتقض فاسد، والإمامة لا تقاس بالنبوة، وقياس الإمامة الإمارة لأن الإمام ليس له أن يتعدى حكم الله وعليه الاتباع، وتلك منزلة الأمير والأمير لا يشهد على نفسه كما لا يشهد على غيبه [ظ] الإمام، والإمام قد يولى ويعزل ويصلي وتلك منزلة الأمير.
قلنا: فهل يجوز تولية المفضول على الفاضل؟ وذلك في الدين جائز صحيح ومن اختيار الأمة غير فاسد على حسب ما كان من اختيار النبي صلى الله عليه وسلم عمرو ابن العاص وتوليته على أبي بكر وعمر في غزوة ذات السلاسل، ولم يوجب تجويزه بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم مفضولا إلى من هو أفضل منه، قياسا على إمارة المفضول على الفاضل، ولو كان ما قلتم جائزا لكان هذا لكم ألزم لأن اختيار النبي صلى الله عليه وسلم إلى اختيار الله أقرب وأولى من اختيار الناس باختيار الله.
فإن قالوا: فعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم لأن عمرو بن العاص متى بدل وغير رجع أمره إلى النبي صلى الله عليه وسلم وذلك بعد موته غير جائز.
قلنا: تولية الإمام المفضول جائزة من اختيار الأمة لأنه متى بدل وغير رجع أمره إلى الأمة في عزله وتولية غيره، ولو كانت تولية المفضول جائزة أيام النبي صلى الله عليه وسلم لأنه متى غير المولى رجع أمره إلى النبي صلى الله عليه وسلم إذ كان حيا لكان هذا في إرسال الله نبيا إلى الفاضل أوكد، لأنه متى عصى وغير رجع أمره إلى الله إذ كان حيا لا يموت.
انقضى القول في إمامة المفضول.
Página 43